حصائد السنتنا . من الانشغالات

بسم الله الرحمان الرحيم (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا )
إنَّ اللسان من أهم النعم التي أنعم الله تعالى بها على الإنسان، وهو إما أن يوصل صاحبه إلى عليين، وإما أن ينزله إلى أسفل السافلين.
وقد حذرنا الله تعالى وسورله – صلى الله عليه وسلم – من آفات اللسان، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)} [إبراهيم: 24 – 26]
وعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، ثِنْتَانِ مَنْ وَقَاهُ اللهُ شَرَّهُمَا دَخَلَ الْجَنَّةَ "، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا تُخْبِرْنَاهُمَا؟ ثُمَّ قَالَ: " اثْنَانِ مَنْ وَقَاهُ اللهُ شَرَّهُمَا دَخَلَ الْجَنَّةَ "، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الثَّالِثَةُ أَجْلَسَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالُوا: تَرَى رَسُولَ اللهِ يُرِيدُ يُبَشِّرُنَا فَتَمْنَعُهُ؟ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ، فَقَالَ: " ثِنْتَانِ مَنْ وَقَاهُ اللهُ شَرَّهُمَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ " (1)
وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: «أَيْمَنُ امْرِئٍ، وَأَشْأَمُهُ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ» قَالَ وَهْبٌ: – يَعْنِي لِسَانَهُ – " (2)
وقد كتب العلماء الكثير عن ذلك قديماً وحديثاً، ومنهم الإمام الغزالي رحمه الله في كتابه الإحياء وهو أهمها، وقد ذكرتها بشكل مختصر في كتابي ((وقاية الإنسان من شياطين الإنس والجان)).
هل تعلم ان أهم آفات اللسان هي حوالي خمسة وثلاثين آفة، وهي الكلام فيما لا يعني، فضول الكلام، الخوض في الباطل، المراء والجدل، الخصومة، التقعر في الكلام، الفحش والتفحش، السبّ، اللعن، سب الأموات، الرمي بالكفر، كثرة المزاح، السخرية والاستهزاء، إفشاء السرِّ، الكذب، الغيبة، النيمية، ذي اللسانين، التحدث بما يجري بينك وبين زوجك، الغناء الفاحش، الحلف بغير الله تعالى، الحلف بغير ملة الإسلام، سب الديك، سبِّ الدهر، سب الريح، سَب الحمَّى، قول الزور وشهادة الزور، المنِّ بالعطية، إنشاد الضالة في المسجد، تسويد الفاسق والمبتدع والمنافق، عيب الطعام، النجوى، سبُّ النفس، اليمين الكاذب (الغموس)، النطق بواو الإشراك، القول مطرنا بنوء كذا
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ:" إِنَّ مِنْ فِتْنَةِ الْعَالِمِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الِاسْتِمَاعِ، قَالَ: وَفِي الِاسْتِمَاعِ سَلَامَةٌ وَزِيَادَةٌ فِي الْعِلْمِ، وَالْمُسْتَمِعُ شَرِيكُ الْمُتَكَلِّمِ وَفِي الْكَلَامِ تَوَهُّقٌ وَتُزَيُّنٌ وَزِيَادَةٌ وَنُقْصَانُ، قَالَ: وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْكَلَامِ مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْدَرِي الْمَسَاكِينَ وَلَا يَرَاهُمْ لِذَلِكَ مَوْضِعًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْزِنُ عَلِمَهُ وَيَرَى أَنَّ تَعْلِيمَهُ ضِعَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحِبُّ أَلَّا يُوجَدَ الْعِلْمُ إِلَّا عِنْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ فِي عِلْمِهِ مَأْخَذَ السُّلْطَانِ حَتَّى يَغْضَبَ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ شَيْءٌ أَوْ يُغْفَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ حَقِّهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنَصِّبُ نَفْسَهُ لِلْفُتْيَا فَلَعَلَّهُ يُؤْتَى بِأَمْرٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فَيَسْتَحِي أَنْ يَقُولَ: لَا عِلْمَ لِي فَيَرْجُمُ فَيُكْتَبُ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي كُلَّ مَا سَمِعَ حَتَّى يَرْوِيَ كَلَامَ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى إِرَادَةَ أَنْ يُعَزِّرَ كَلَامَهُ " (4)
قَالَ أَبُو عُمَرَ: الْكَلَامُ بِالْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنَ السُّكُوتِ؛ لِأَنَّ أَرْفَعَ مَا فِي السُّكُوتِ السَّلَامَةُ، وَالْكَلَامُ بِالْخَيْرِ غَنِيمَةٌ, وَقَدْ قَالُوا: مَنْ تَكَلَّمَ بِالْخَيْرِ غَنِمَ وَمَنْ سَكَتَ سَلِمَ، وَالْكَلَامُ فِي الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَهُوَ يَجْرِي عِنْدَهُمْ مَجْرَى الذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ نَفْيُ الْجَهْلِ وَوَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَةِ الْمَعَانِي" (5)
قال تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114]
في الاخير لم اجد ابلغ من هذه الابيات كخلاصة للقول في حفظ اللسان
قال الشاعر:
لِسَانُ الْفَتَى حَتْفُ الْفَتَى حِينَ يَجْهَلُ .. وَكُلُّ امْرِئٍ مَا بَيْنَ فَكَّيْهِ مَقْتَلُ
إِذَا مَا لِسَانُ الْمَرْءِ أَكْثَرَ هَذْرَهُ ………… فَذَاكَ لِسَانٌ بِالْبَلَاءِ مُوَكَّلُ
وَكَمْ فَاتِحٍ أَبْوَابَ شَرٍّ لِنَفْسِهِ …… إِذَا لَمْ يَكُنْ قُفْلٌ عَلَى فَمِهِ مُقْفَلُ
وَمَنْ أَمِنَ الْآفَاتِ عَجَبًا بِرَأْيِهِ .. أَحَاطَتْ بِهِ الْآفَاتُ مِنْ حَيْثُ يَجْهَلُ
أُعَلِّمُكُمْ مَا عَلَّمَتْنِي تَجَارِبِي ……….. وَقَدْ قَالَ قَبْلِي قَائِلٌ مُتَمَثِّلُ
إِذَا قُلْتَ قَوْلًا كُنْتَ رَهْنَ جَوَابِهِ. فَحَاذِرْ جَوَابَ السُّوءِ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ
إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَعِيدًا مُسْلِمًا ……. فَدَبِّرْ وَمَيِّزْ مَا تَقُولُ وَتَفْعَلُ
موضوع منقول أسأل الله تعالى أن ينفع به كاتبه وقارئه وناقله والدال عليه في الدارين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.