بوتفليقة وجماعته بمثابة لجنة وطنية لتصفية الجزائر -الجزائر

كريم طابو في ضيافة ”الخبر الأسبوعي”:بوتفليقة وجماعته بمثابة لجنة وطنية لتصفية الجزائر
قال كريم طابو، السكرتير الأول لحزب القوى الاشتراكية المعارض، إن بوتفليقة لم يقبل على تعديل الدستور إلا بعد أن تلقى دعما من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهو ما اعتبره تواطؤا بين ساركوزي وبوتفليقة· واصفا ما يحدث في الساحة السياسية في الجزائر من انسداد سياسي ومن وضع غير منطقي، بالعلامات الكبرى، بسبب ترويض رئيس الجمهورية لتيارات متناقضة· وتطرق السكرتير الأول للأفافاس، الذي نزل ضيفا على ”الخبر الأسبوعي” إلى المشاكل الداخلية التي تعرض لها حزبه، معتبرا أن ذلك كان ناجما عن تراكم أخطاء عديدة· وقال إن جداعي وبوهادف لم يطالبا بالتغيير

ساركوزي أهان الشعب الجزائري

قال كريم طالبو إن تعديل الدستور تم بعد أن حصل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على دعم من طرفين مهمين، الأول في نظره هو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ويكون الرئيس بوتفليقة قد انتظر التعبير على ذلك المساندة علنيا قبل أن يقدم على تعديل الدستور·

كمال زايت

واعتبر أنه إذا عدنا إلى الوراء قليلا، سنجد أن ساركوزي عندما وجه دعوته للجزائر لحضور قمة تأسيس الاتحاد من أجل المتوسط، تعاملت الجزائر مع هذه الدعوة بنوع من التردد، وقد كلف الرئيس بوتفليقة نظيره الفرنسي بالإعلان عن حضوره قمة باريس التي انعقدت يوم 31 جويلية الماضي، وقد حضر بوتفليقة فعلا تلك القمة، وتم الإعلان بعد ذلك عن تعديل الدستور·
واستخلص السكرتير الأول للأفافاس أن هناك اتفاقا وتواطؤا مباشرا من ساركوزي في قضية تعديل الدستور، مشددا على أن الرئيس الفرنسي ارتكب ما هو أسوأ، عندما قال في تصريح رسمي إنه يفضل بقاء بوتفليقة في الحكم على قيام نظام طالبان، معتبرا بأن هذه إهانة للشعب الجزائري، وتحقيرا لكل القوى الديمقراطية في هذا البلد، وسبا لكل الطاقات التي تعمل من أجل تحقيق الديمقراطية، وكل الصحفيين والمثقفين الذين قتلوا من أجل الديمقراطية، مشددا على أن اختزال المعادلة الديمقراطية في بقاء بوتفليقة أو قيام نظام الطالبان مسألة لا يمكن السكوت عنها·
وذكر أن الرئيس ساركوزي الذي يرافع في بلاده من أجل تحديد العهدات الرئاسية، يساند في المقابل رئيسا عدّل الدستور من أجل البقاء على رأس الدولة مدى الحياة، وأشار إلى أن هذا التصرف لا يمكن أن نصفه إلا بالعنصرية السياسية، وشدد على أن من المؤسف أن هذا يأتي من رئيس جمهورية قائمة على قيم العدالة والديمقراطية والحرية وكل القيم التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية·
وأشار طابو إلى أنه أبلغ كل ذلك السفير الفرنسي في الجزائر لدى استقباله بالمقر الوطني للأفافاس منذ أيام، وأعرب له عن غضبه وسخطه من التصريحات التي أصدرها الرئيس ساركوزي، مؤكدا له على ”إننا كمناضلين من أجل الديمقراطية عندما نخوض معركتنا، نصطدم بالسلطة التي تعمل على تكسير الديمقراطية، في حين تقدمون أنتم لها الدعم”·
وأشار إلى أن الدعم الثاني الذي حصل عليه بوتفليقة هو دعم أصحاب القرار، مؤكدا على أن كل شيء تقرر وتم القبول به من طرف جهاز المخابرات، واصفا الذين يعتقدون بأن القرار والعمل السياسي يتم داخل المؤسسات مخطئين، وأكد على أن اللعبة السياسية لا تزال تتصور ويخطط لها وتنفذ من طرف أكبر حزب الذي هو جهاز المخابرات، معتبرا بأن هذا الحزب له عدة طرق للتعبير، وعدة ألوان، وقال: ”إذا أردنا أن نعبر عنها بطريقة كاريكاتورية، يمكن أن نقول إننا في الورشات الكبرى للديكتاتورية وهناك عدة مناولين”·

انسحاب الستة من انتخابات 1999 لم يكن خطأ

عقب كريم طابو على تصريحات المحامي مقران آيت العربي التي قال فيها إن انسحاب المترشحين الستة من انتخابات 9991 كان خطأ، بقوله إن الانسحاب في تلك الفترة لم يكن خطأ وإنما كان سياسيا وتاريخيا· وقال طابو في هذا الشأن ”لست مع آيت العربي في هذا”· ثم استرسل في شرح الظروف التي سبقت الانتخابات، والتي كانت السبب في انسحاب الستة، حيث قال إن تلك الانتخابات جرت على أربعة مراحل ابتداء من انتخاب المهاجرين في الخراج، ثم انتخاب البدو الرحل في الجنوب، عبر الصناديق المتنقلة، ثم انتخاب الهيئات الرسمية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، انتهاء بانتخاب الشعب·· واعتبر أن هذه المراحل التي جرت كان يسيرها الموالون للمرشح بوتفليقة، وقد سجل فيها الكثير من التزوير· فعلى مستوى الاقتراع بالخارج، أضاف طابو، كانت الإدارة والممثلون الدبلوماسيون والقائمون على العملية كلهم مجندين من أجل حسم النتائج لصالح بوتفليقة· وتكلم طابو عن أوامر صدرت من القادة العسكريين تجبر المنتخبين في المؤسسة على التصويت لصالح بوتفليقة· كما قال إنه تمت ملاحظة التزوير في تلك المراحل التي سبقت يوم الانتخاب، مما جعل المرشحين الستة ينسحبون منها·
وقد أثنى طابو على ذلك القرار، حيث وصفه بالتاريخي والمسؤول والسياسي، واعتبر أنه لم يكن أمام المترشحين خيار آخر·

م· ب

الفارق في الأجور بين السلطات والشعب يعكس المعاناة وفقدان الأمل

أعاب كريم طابو على السلطة كيفية التعامل مع الشعب والتمييز في قضية الأجور والمنح، حيث أشار إلى أن القليل من فئات الشعب المحظوظين ينعمون بالخيرات، في حين يبقى الشعب يعيش تعاسة كبيرة ووضعية كارثية، فاقدا الأمل، مما خلق انعداما في الثقة بين الشعب والسلطة، وهو ما لاحضه طابو في كل المواقع العامة، سواء وسائل النقل أو المقاهي وغيرها·
وجعل طابو مقارنة بسيطة بين أجور النواب، التي قال إنها جاءت لتكسير السياسة في الجزائر وبين رواتب ومنح الشرائح البسيطة في المجتمع·
ووفق ما قاله طابو، فإن النائب في البرلمان يتقاضى أجرا قدره 03 مليون سنتيم، وهو ما يغطي 57 معوقا بنسبة 001
%، حيث لا يتقاضى المعوقون بهذه النسبة سوى 4 آلاف دينار، في حين لا يتقاضى المعوقون أقل من نسبة 001% إلا ألف دينار، مما يعني أن أجر النائب يعادل 003 معوق من هذه الفئة·
وأما عن المنح التضامنية، فقال طابو إن أصحاب الأمراض المزمنة يتقاضون منحة تقدر بألف دينار، وهو ما يعني أن النائب الواحد يعادل 003 مريض، وكذلك الشأن بالنسبة للطلبة الجامعيين المتخرجين، والذين يعملون بعقود ما قبل التشغيل والشباب من الجنسين الذين يعملون في الإدارات والبلديات في إطار تشغيل الشباب· وتساءل طابو عن مصير السياسة في بلد يفوق راتب النائب فيه 03 مرة الأجر القاعدي·

كما توقف سكرتير الأفافاس عند الرقم المعلن من طرف رئيس الجمهورية، والذي صرف كميزانية على البلديات، حيث أعلن مبلغ 052 مليار دولار، حيث اعتبر أن هذا المبلغ خيالي ولا تبدو أي مؤشرات على أرض الواقع لمثل هذه الأرقام، فتخصيص مثل هذا الرقم لكل بلدية يعني ما يعادل ميزانية دولة مثل ناميبيا، وهو ما يجعل بلدياتنا تصبح أحسن من واشنطن، وتخصيص ميزانية مثل هذه من أجل جلب المياه وتحسين شبكة الطرقات والتهيئة أمر غير منطقي وغير واقعي·
وأشار طابو إلى أنه من المفروض أن تكون رقابة على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية، حيث أن جميع الإحصائيات المقدمة هي من طرف السلطات، وبالتالي فإن أغلب الإحصائيات المقدمة لا تخضع للمقاييس العلمية، حيث أشار طابو في ملف البطالة أن الواقع يؤكد أن الإحصائيات المقدمة غير صحيحة وأن عدد البطالين يتجاوز 06%، إضافة إلى أن السلطات قدمت برنامج بناء مليون سكن، وهو ما يعني تجسيد 846 سكن في كل بلدية، في حين أن الواقع لا يعكس هذه الأرقام المقدمة·

محمد· ب

”العلامات الكبرى” في السياسة الجزائرية

يرى كريم طابو أن ثمة ”علامات كبرى” تعبّر بصفة جلية عن التحاق البعض بركب السلطة والمباركة بحمدها، على وزن العلامات الكبرى لقيام الساعة! يبدأ بالحديث عن لويزة حنون، زعيمة حزب العمال، التي كانت مثالا في المقاومة باسم المبادئ الاشتراكية، والتي أصبحت اليوم تدور في فلك الحكم· ”لويزة حنون تتهجم على شكيب خليل، وزير الطاقة والمناجم، وتتفادى انتقاد من وضع شكيب خليل في هذا المنصب وهو رئيس الجمهورية· لويزة حنون تتعامل مع عبد العزيز بلخادم· ونسيت أن هذا الرجل كان عضوا في اللجنة التي وضعت قانون الأسرة”، يذكر الأمين الأول لجبهة القوى الاشتراكية الذي يعتبر زعيمة حزب العمال، التي تستعد لترشح لرئاسيات أفريل القادم، مثالا ”في الغش السياسي”·
يتعجب كريم طابو من موقف أحزاب التحالف الرئاسي التي سارعت إلى مطالبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للترشح لعهدة ثالثة ومواصلة ”إنجازاته”، رغم اعتراف هذا الأخير بالفشل في تحقيق مشاريعه الاقتصادية أمام الملأ وأمام المنتخبين المحليين· ويعود كريم طابو إلى النائب لويزة حنون التي قبلت بأجر 03 مليون سنتيم شهريا، هي التي تعرف جيدا الوضعية المزرية التي يعيشها العمال، الطلبة، الفلاحون، الأطباء، وكافة الموظفين”· ويضيف: ”03 مليون سنتيم شهريا تكفي لدفع علاوة 57 % من ذوي الحاجيات الخاصة بنسبة 001% و 003 ذوي الحاجيات الخاصة بنسبة أقل من 001% هذا المبلغ المالي يكفي لدفع مساعدات لـ003 من المرضى والمكفوفين، و031 من الموظفات في إطار الشبكة الاجتماعية على مستوى البلديات والمدارس”·· ويرى أن النواب الذين يدعون تمثيل الشعب، كان عليهم رفض هذا الأجر، بقبولهم دخلوا إلى نادي أصحاب الامتيازات وقطعوا علاقاتهم مع باقي المجتمع· في نظر كريم طابو إعادة الاعتبار للفعل السياسي في الجزائر، يمر كذلك عبر انتقاد عمل النواب وتطهير صفوفهم·
”القبول بأجر يمثل 03 مرة الأجر القاعدي يعتبر شتما للشعب الجزائري·· اسألوا في الموضوع الأطباء، المدرّسين، القضاة·· وحتى الطلبة الذين يتقاضون منحة شهرية لا تتجاوز 009 دينار!”، يضيف مسؤول الأفافاس·
في تذكير للمواقف السابقة للويزة حنون، عندما كانت تلك المرأة في المعارضة، يشير كريم طابو إلى المشاركة في اجتماع روما وإبرام العقد الوطني الذي كان هدفه سحب المبادرة السياسية من تحت أرجل السلطة بغية الوصول إلى حل للأزمة”· ماذا حدث بعد ذلك؟ ”تمت الإطاحة بعبد الحميد مهري، من على رأس حزب جبهة التحرير الوطني، محاولة تكسير جبهة القوى الاشتراكية وانتظار حزب النهضة إلى جناحين··· لم يحدث أي شيء من هذا القبيل في حزب العمال ولويزة حنون لازالت في مكانها!”، يجيب مسؤول الأفافاس·
من ”العلامات” كذلك، موقف سعيد سعدي تجميد نشاطات التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية: ”هذا الرجل ساند مواقف السلطة في 1991 وهو ثابت على مواقفه منذ ذلك الحين، فما معنى أن تجمّد نشاطات الحزب عدة سنوات فيما بعد بحجة الاحتجاج على السلطة· الخيار الذي دافع عنه سعيد سعدي كان من مخلفاته 000·002 قتيل، 000·21 مفقود وعشرات الملايير من الدولارات خسائر مادية، لقد أخطأ سعدي في المجتمع في وقت سابق، وها هو يحظى في السلطة هذه المرأة، إنها الدراما بعينها!”· ويرى كريم طابو أن تجميد العمل النضالي والسياسي في الوقت الحالي يعتبر نوعا من ”التواطؤ والعمالة” مضيفا: ”سعدي يعتبر نفسه عنصرا من عناصر جيش الاحتياط للجمهورية!”· وانتقد مسؤول الأفافاس قرار رضا مالك تطليق السياسة: ”في وقت سابق قال هذا المسؤول إن الخوف يجب أن يغير معقله، فكانت نتيجة هذا الكلام المجازر والمآسي، قبل أن يغادر رضا مالك الحقل السياسي عليه أن يقدم حسابات، كما قام به عندما كان رئيسا للحكومة ويعترف بأخطائه”، يقول كريم طابو الذي يتساءل عما يراه رياض مالك، رئيس الحكومة الأسبق، عندما يقف أمام المرآة·
حسب رأيه، تقدم علي بن فليس، وزير الحكومة الأسبق، إلى الاقتراع الرئاسي عام 4002 أمام المترشح عبد العزيز بوتفليقة كان هدفه إعطاء الانطباع بأن التغيير سيكون من داخل النظام وليس خارجه·
بن فليس ضد بوتفليقة، كانت في نظر كريم طابو، خطة مدروسة من قبل حلقات أخذ القرار، وهذا ما أدى بالأفافاس للمطالبة بمقاطعة تلك الانتخابات الرئاسية· واعتبر التفاف أشخاص مثل لويزة حنون، أبو جرة سلطاني، عمارة بن يونس، بلخادم وأحمد أويحيى حول برنامج واحد علامة أخرى من العلامات الكبرى·

فيصل· م

يجب الخروج من تحالفات الأجهزة

قوى التغيير بحاجة إلى تأطير في نظر كريم طابو، الأمين الأول للأفافاس، والتغيير يكون بمشروع بديل جامع، هذا لا يختلف كثيرا عما اقترحه سالفا مقران آيت العربي، الذي طالب بحركة ديمقراطية شعبية تكون بديلا لمشاريع السلطة· ولكن يعتقد كريم طابو أن منطق إعطاء الدروس يجب أن ينتهي ويضيف: ”عبد العزيز رحابي، سيد أحمد غزالي، علي بن فليس، أحمد بن بيتور، مقران آيت العربي·· كلهم يطالبون بالتغيير ولكن لأي نظام سنتجه، على بعضهم تغيير طبعة النظام الذي يريدونه”·
في نظر مسؤول الأفافاس ”التغيير يجب أن يكون عبر إبرام عقد مع المجتمع تكون أهدافه محددة وواضحة ويكون مبنيا على أرضية قيم يتفق عليه الجميع: ”لن نمنع أحدا من الانضمام إلى هذا العقد والعمل من أجل تحقيقه في الميدان، وتجديد العمل السياسي”· ويستدل ضيف ”الخبر الأسبوعي” بما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية مع وصول باراك أوباما، الرجل الأسود، إلى البيت الأبيض مفسرا: ”إن نجاح أوباما في الاقتراع لم يكن نتيجة للصدفة وإنما هو نتيجة عمل في عمق المجتمع، النخب السياسية في الولايات المتحدة وصلت إلى توافق حول ضرورة إحداث قطيعة سياسية شاملة”·
في الجزائر، التغيير، بحسب أي كريم طابو، لن يحدث بالتوافقات الشعبوية العقيمة: ”يجب الخروج من تحالفات الأجهزة، إنه لا يكفي التغيير والتظاهر بالديمقراطية لإحداث التغيير وإقناع المجتمع بمسايرة المبادرة”، يبقى في نظره العمل الميداني المتواصل هو الضامن الوحيد لنجاح مساعي التغيير في البلاد· وأكد طابو أن الأفافاس قرر البقاء بجانب الجماهير ومشاطرة آلام الأهالي· ؟ ف· م

مقاطعة الرئاسيات عمل ثوري

اعتبر الأفافاس مقاطعته للانتخابات الرئاسية القادمة عملا ثوريا، ”سنرفع راية الكرامة مقاطعة الاقتراع الرئاسي عملا وطنيا هدفه قطع الطريق على من يريدون تصفية الجزائر”· يقول كريم طابو متهما الرئيس بوتفليقة، الذي ترشح لعهدة ثالثة، بتزعمه اللجنة وطنية لتصفية الجزائر لصالح المافيا المتكتمة في دواليب السلطة، ويرى مسؤول الأفافاس أن أصحاب المال قد سيطروا على مساحات واسعة في السلطة·
مضيفا: ”منذ مجيء الرئيس بوتفليقة إلى الحكم انتشر الفساد بصفة مقلقة في البلاد وفي كل المستويات”·
ويستدل كريم طابو بامبراطورية الخليفة التي التهمت أموالا طائلة قبل أن تنهار بنفس السرعة التي صعدت بها ”لقد كان عبد المؤمن خليفة مثالا في التسيير حتى أعطيت له جائرة أحسن مسيّر في البلاد قبل أن يصبح مجرما”، يقول السياسي المعارض الذي اعتبر المحاكمة في البليدة بالمسرحية ”انتهت بوضع مدرب كرة قدم في السجن في قضية أدار خيوطها آخرون!”، ويقول مسؤول الأفافاس إن الفساد انتشر مثل العدوى والمرض في الساحة السياسية، ظاهرة تفسر سكوت، تخاذل، وتواطؤ بعض السياسيين ممن كانوا يرفعون أصواتهم في عهد سابق· ويتساءل: ”لماذا لم يفتح أي تحقيق بعد تصريحات عبد المؤمن خليفة والمتعلقة بتمويله لصفقة لشراء السلاح لصالح بعض المؤسسات؟”·
لا يثق كريم طابو في قدرة العدالة ”التي تفتقد لاستقلاليتها” في التحقيق في قضايا متعلقة بالرشوة والفساد· وذكر أن هذه العدالة صمتت عندما فتح مجلس المحاسبة ملف تحويل الأموال العمومية من قبل عبد العزيز بوتفليقة، عندما كان وزيرا للخارجية ولم تفعل أي شيء· ”فبدل أن يفتح التحقيق من قبل القضاء، تمت تصفية مجلس المحاسبة”، يقول كريم طابو·

ف· م

جداعي وبوهادف لم يطالبا بالتغيير

قال كريم طابو إن الأزمة الحادة التي هزت الحزب في السنوات الأخيرة ناجمة عن تراكم أخطاء وتناقضات عديدة لم يتم معالجتها في وقتها، مما أدى إلى غضب القاعدة·

كمال منصاري

أشار ضيف ”الخبر الأسبوعي” في تشخيصه للأزمة التي عصفت بالحزب أن ”الأفافاس تعرض منذ الأيام الأولى للتعددية السياسية لضربات عدة من قبل النظام على وجه الخصوص، كانت عواقبها تقهقر وتراجع أدائه على المستوى الشعبي”· واعتبر طابو أن ”النظام هو السبب في تراجع الطبقة السياسية عموما، وجبهة القوى الاشتراكية أيضا تقهقرت مع المجتمع كله، وأن النظام حاول تحطيم الحزب، في إطار سعيه للتخلص من جميع القوى الفاعلة داخل المجتمع”· وأضاف في ذات السياق أن الأفافاس عرف طيلة مشواره نجاحات بقدر ما عرف الفشل والأخطاء، لكنه اعتبر أن الحزب وصل إلى مرحلة في تاريخه يعرف فيها تداولا سياسيا وعضويا حقيقا· وفي ذات السياق، قال طابو: ”لقد انتظرنا سنوات حتى اتضح لنا أنه كان من الضروري أن نتخلص من منطق الهياكل والجري وراء المناصب ومنطق ضباط السياسة”·
وأكد طابو أنه ثمة الآن نقاش حقيقي داخل الحزب الذي أصبح يتمتع، على حد وصفه، بتأطير تجسده نخبة جديدة منبثقة عن القاعدة وتمثل البلديات والجامعات وأوساطا مختلفة·
واعترف كريم طابو بأن الحزب قد ارتكب أخطاء استراتيجية، لاسيما منذ عهدة تشريعيات سنة 7991 حيث كان عليه، كما قال، أن يحل بعض الأزمات، لكن قيادة الحزب فضلت تأجيلها لأسباب موضوعية في بعض الأحيان ولأسباب ذاتية في أحيان أخرى، عوض التكفل بها بصورة ديمقراطية في إطار نقاش حر·
وأشار إلى أن الحزب عرف أول محاولة ”قرصنة” قبيل انعقاد مؤتمره الأول في مارس 1991, حيث قامت مجموعة من الأشخاص، قبل عودة آيت أحمد من المنفى، بتنصيب نفسها ممثلة شرعية للحزب، وأودعت طلب اعتماد رسمي باسم الأفافاس· وأضاف أن المؤامرات تكررت عشية كل مؤتمر·
وأشار إلى أنه ”كلما حضر حزبه لعقد مؤتمر لمناقشة السياسة العامة والمواضيع التنظيمية، إلا وتعرض لمشاكل”، مؤكدا أن الذين أثاروا الفتنة الأخيرة هم الذين يرفضون التداول على إدارة الحزب، من بينهم مصطفى بوهادف وأحمد جداعي وآخرين·
وكان مصطفى بوهادف، السكريتر الأول الأسبق، قد استقال سنة 7002 بعد 71 سنة قضاها في الحزب· وقد برر انسحابه آنذاك في بيان وجهه إلى الرأي العام متهما قيادة الحزب، بعدم فسح أي مجال للنقاش أو الطعن·
وعن هذه الاستقالة، قال طابو إن بوهادف ترك الحزب لأسباب لا علاقة لها بالتوجهات السياسية، مشيرا إلى أن قرار الاستقالة قرار شخصي وسيادي· معتبرا أنه من حق الحزب أن يشك أن بوهادف وآخرين ضالعون في مؤامرة، لأن تحركهم تزامن مع مناورات قامت بها السلطة عشية المؤتمر الأخير، في محاولة لمنع آيت أحمد من حضور أشغاله·
من جهة أخرى، كشف طابو بأن النقاش كان قائما داخل الحزب بشأن الخيارات الكبرى، ضاربا المثال بالانتخابات التشريعية التي جرت في 2024, مشيرا إلى أن الأغلبية داخل القيادة كانت مع المشاركة في تلك الانتخابات، في حين أن القاعدة هي التي فرضت قرار المقاطعة·
واعتبر بأن الحزب كان فيه أعضاء يطمحون أن يكونوا نوابا، وأن يستفيدوا من مزايا، ويأخذوا حصتهم من الريع، مؤكدا على أنه مع انتشار عدوى الرشوة السياسية، فإن الأفافاس لم يكن في معزل عنها·
أما بشأن قرار مشاركة الأفافاس في تشريعيات 7991, فأوضح بأن هناك ثلاثة دوافع وراء القرار، أولها إعطاء فرصة للسلم والدفاع عن السلم داخل البرلمان، لاسيما إثر المجازر الجماعية، وثانيا حتى لا يختفي الحزب من الخريطة السياسية، والثالثة هي الاستفادة من فرصة نقل نقاش البرلمان على شاشة التلفزيون لتمرير خطابه للشعب، قبل أن يتم إلغاء النقل المباشر للنقاشات·
وأوضح أنه عندما انسحب حسين آيت أحمد من رئاسيات 9991 كان من الضروري على نواب الأفافاس في البرلمان أن ينسحبوا أيضا، لأنه لا يمكنهم أن يواصلوا عملهم تحت رئاسة من وصل إلى السلطة بانتخابات مزورة، مشددا على أن النواب لم ينسحبوا وذلك خطأ كبير، مبررا ذلك بأن 21 عضوا بالقيادة كانوا نوابا أيضا·
وأشار إلى أن الحزب بدأ العهدة التشريعية بـ02 نائبا وأنهاها بـ21 نائبا، وهذه نقطة يجب أخذها في الاعتبار واستخلاص الدروس·
وأشار إلى أن الكثير من السياسات التي اتبعت من طرف المسؤولين السابقين للأفافاس كانت مسيئة للحزب، معتبرا بأن ترديد شعارات ”لافافاس يوعار ماشي ذلاتشيشي”، لم تؤد بنا إلى أية نتيجة، وأن بعض الأعضاء كانوا يتصورون أنه يكفي وضع صورهم إلى جانب صور آيت أحمد لينتخب عليهم الشعب، ولكن اكتشفنا أن المواطن يفرق بين آيت أحمد الذي يوجد إجماع على احترامه وتقديره، وبين الأفافاس كحزب·

تصريحات ولد عباس بشأن الدبلوماسي حسني خطيرة جدا

انتقد كريم طابو تصريحات وزير التضامن والأسرة والجالية الوطنية بالخارج، جمال ولد عباس، التي قال فيها: ”نحن مع حسني ظالما أو مظلوما”· ووصف السكرتير الأول للأفافاس هذه المقولة بالخطيرة جدا، وأنها إحدى العلامات الكبرى في السياسة الجزائرية، وأضاف: ”أن ينطق وزير في الدولة في 9002 بهذه الكلمات، فنحن في العلامات الكبرى للسياسة”·

محمد بلعليا

وقال طابو، في خضم النقاش الذي جمعه بصحفيي ”الخبر الأسبوعي”، إن السلطات اعتمدت في معالجة القضية على نوعين من رد الفعل، الأول كان عن طريق محاولة التأثير في القضية في فرنسا عن طريق تجنيد الدبلوماسية للمطالبة بإطلاق سراح حسني، والثانية عن طريق المسؤولين الجزائريين في الداخل، ومن بينهم ولد عباس الذي أطلق التصريحات السابقة·
أما بخصوص الحجج التي قدمها محامو حسني والمتعلقة باسم المتهم حسني، فقال طابو إن هذه الحجج يمكن نفيها عن طريق دليلين ذكرهما سكرتير الأفافاس، أما الدليل الأول فهو أن جهاز المخابرات في الجزائر وفي كل العالم يعمد إلى تغيير اسم العاملين به وإطلاق أسماء أخرى عليهم، وضرب طابو مثالا بالجنرال توفيق الذي قال إن اسمه الحقيقي هو مدين· أما الحجة الثانية وفق نظرة طابو، فهي أن السلك المدني في الجزائر يتكون من العديد من الشخصيات التي كانت في وقت سابق من أجهزة المخابرات· وبالتالي، فإن تغيير اسم حسني يمكن أن يحدث، وقال إنه لا يشك في أن يقع القضاء الفرنسي في مثل هذه الحالات·
وأما بخصوص رئيس الأفافاس آيت أحمد، فقال إنه تعامل جيدا مع القضية، من خلال تنظيم تجمعات في فرنسا وأعطى تحليلا لها، كما ساهم في إعطاء قراءات للقضية التي لا تزال متداولة إلى حد الآن·
وعن إمكانية تحويل قضية علي مسيلي للجزائر، فإن طابو استبعد ذلك، وقال إن مسيلي كان معتمدا كمحام في القضاء الفرنسي واغتيل على التراب الفرنسي، وبالتالي فإن القضاء الفرنسي لن يحول ملفه إلى الجزائر، حيث انتقد طابو القضاء الجزائري بشدة، وقال إن القاضي الأول في البلاد أعلن تعديل الدستور في يوم القضاء، مما جعله يحكم على القضاء الجزائري بأنه غير مستقل، وأن القوانين به هي من أجل التلاعب فقط·
وللإشارة، فإن المحامي علي مسيلي كان مناضلا بالأفافاس، وقد تم اغتياله سنة 7891 بالعاصمة الفرنسية باريس في ظروف غامضة، وبقيت القضية في أدراج العدالة الفرنسية والجزائرية إلى حين تفجيرها في جريدة ”لوموند” الفرنسية من طرف العقيد الفار محمد سمراوي الذي اتهم فيها مدير التشريفات بوزارة الخارجية، محمد زيان حسني، بأنه ضالع في القضية، وقد تم توقيف المتهم منتصف شهر أوت من العام الماضي، وإخضاعه للرقابة القضائية
·

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.