تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » (8) حــكم الســاحر

(8) حــكم الســاحر

  • بواسطة

حــــكم الســــــــــاحر

بقلم : فضيلة الشيخ / سليمان بن ناصر العلوان – حفظه الله تعالى
الحمد لله وحده والسلام على من لا نبي بعده .

أما بعد : فإن خير الجهاد وأفضله القيام على أعداء الدين والوقوف في نحورهم كالسحرة والكهان والمشعوذين . فقد استطار شررهم وعظم أمرهم وكثر خطرهم فآذوا المؤمنين وأدخلوا الرعب على حرماتهم غير مبالين ، وقد توعد الله المجرمين بسقر وما أدراك ما سقر ، فقد أخبر الله في كتابه العزيز أن الساحر كافر فقال : ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ) .
والى كفر الساحر وخروجه من الدين ودخوله في سلك أصحاب الجحيم ، ذهب جماهير العلماء من فقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة ، وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – أن السحر أحد نواقض الإسلام وقال : ومنه الصرف والعطف .
والصرف : عمل السحر لصرف من يحب الى بغضه .
والعطف : عمل السحر لعطف من يبغض الى حبه من زوج وغيره ويسميه أهل الفجور دواء الحب ، وهو في الحقيقة الهلاك والعطب.
فالحذر الحذر من السحرة والكهان والمنجمين والعرافين وأهل الشعوذة المخالفين لما بعث الله به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم يفسدون ولا يصلحون ويضرون ولا ينفعون .
ومن ثم اتفق الصحابة رضي الله عنهم على قتل الساحر والساحرة لعظم شرهم وكثرة خطرهم وبعدهم عن الإيمان وقربهم من الشيطان ، فعند أبي داود بسند صحيح من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن بجالة بن عبدة قال : جاءنا كتاب عمر رضي الله عنه قبل موته بسنةِ ( اقتلوا كل ساحر … ) .
وصح عن حفصة رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها . رواه عبدالله بن الإمام أحمد من حديث ابن عمر . وصح قتل الساحر أيضاً عن جندُب .
ولا يُعلم لهؤلاء مخالف ، فكان قتل الساحر كالإجماع بين الصحابة رضي الله عنهم وقد كثر السحر في هذا العصر وتساهل الكثير في الذهاب إليهم وطلب الشفاء على أيديهم ويزعمون أن هذا من فعل الأسباب وهذا منكر عظيم وخطر مدلهم كبير يخلخل العقائد ويزعزع الإيمان .

وقد جاء في صحيح الإمام مسلم من طريق يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر العمري عن نافع عن صفية عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله وسلم ، قال : ( من أتى عرافاً فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) .
والساحر بمنزلة الكاهن فمن سأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة وأما إن صدقه بما يقول فهذا كافر بما أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، لما روى الحاكم بسند صحيح عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه قال: ( من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) .
وعند البزار بسند صحيح عن أبن مسعود موقوفاً قال : ( من أتى كاهناً أو ساحراً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) .

وأما زعم بعض الناس بأن هذا سبب ، فهذا غلط ، لأن السبب غير شرعي ومخالف للثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء عند أبي داود بسند حسن من طريق عقيل ابن معقل قال : سمعت وهب بن منبه يحدث عن جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة ، فقال ( هي من عمل الشيطان ) .

والنشرة حل للسحر عن المسحور فإذا كان حله عن طريق السحر فالحديث صريح بالمنع . وبالله العجب كيف يجوز حل السحر عند السحرة ، وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم على قتلهم . فالمسلم مأمور بقتل السحرة ولم يؤذن له بالتداوي عندهم . وأما إن كان حل السحر عن طريق الرُقى الشرعية بكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم والأدوية المعروفة ، فهذا مشروع لقوله تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) . و ( من ) هنا بيانية فالقرآن كله شفاء ودواء لكل داء فمن آمن به وأحل حلاله وحرم حرامه انتفع به انتفاعاً كبيراً . ومن صدق الله في قصده وارادته شفاه الله تعالى وعافاه من دائه وعلى المبتلى به ملازمة الدعاء والتضرع لرب الأرض والسماء ، وتحري أوقات الإجابة كثلث الليل الآخر والسجود ، وبين الأذان والإقامة . فهذه الأوقات أحرى في الإجابة من غيرها ، وهذا دواء من ابتُلى بالسحر .

وأما من عافاه الله منه ولم يُصب به فعليه بالاحتراز منه واتقاء شره بالأذكار المأثورة الثابته عن النبي صلى الله عليه وسلم والمحافظة عليها صباحاً ومساء ، وقراءة المعوذتين وآية الكرسي دبر كل صلاة وأن تيسر التصبح بسبع تمرات من تمر العجوة . فهذا سبب شرعي وحصن حصين من كل ساحر مريد . ففي الصحيحين وغيرهما من حديث عامر بن سعد ، عن سعد رضي الله عنه ، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من تصبح بسبع تمرات من تمر العجوة لم يُصبه سُم ولا سحر ) .

وقد اشترط كثير من أهل العلم في التمر أن يكون من العجوة على ما جاء في الخبر ولكن ذهب آخرون من أهل العلم الى أن لفظ العجوة خرج مخرج الغالب ، فلو تصبح بغير تمر العجوة نفع ، وهذا قول قوي وإن كنت أقول إن تمر العجوة أكثر نفعاً وتأثيراً وبركة ، إلا أن هذا لا يمنع التأثير في غيره .
والله المسئول أن ينصر دينه ويُعلي كلمته وأن يبعث لدينه ناصراً يأخذ على أيدي السحرة والكهان والمنجمين وغيرهم من المفسدين في الأرض وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

كتب في 21 / 1 / 1417 هـ
آخر مراجعة في 9 / 1 / 1421 هـ
نقلت من موقع سعودي لنك

المصدر: موقع الرقية الشرعية

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.