تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الطحالب البحرية … عالم من الفوائد الصحية -الطب البديل

الطحالب البحرية … عالم من الفوائد الصحية -الطب البديل

  • بواسطة

أبحاث حول عناصرها المغذية


تتعمق الدراسات حول الفوائد الطبية والصحية للطحالب البحرية، وخاصة تأثير ما تحتويه من مواد كيميائية، على جوانب من مراحل نشوء الأمراض أو تسارع وتيرة تداعياتها. وربما يكون ظهور أكثر من 647 دراسة علمية حولها وفق إحصاء مكتبة الصحة القومية الأميركية أحد المؤشرات المهمة. ويتحمس الكثير من الباحثين في أوروبا والولايات المتحدة لدراستها، وغدوا في هذا المضمار ينافسون الباحثين من اليابان والصين وغيرها من الدول الآسيوية المستهلكة لها. ومن بين المواد الكيميائية في أنواع الطحالب البحرية مادة فيوكودان التي تحتل اهتماماً خاصاً، تمثل في ظهور أكثر من 36 دراسة علمية حولها خلال المدة ما بين مارس في العام الماضي وحتى ساعة إعداد هذه العرض، تسعة منها منذ بداية هذا العام. وفي وقت يتنافس الجميع فيه على مصادر المياه العذبة لتأمين احتياجات الإنسان في استخداماتها المتعددة، والتي على رأس قائمتها الزراعة، فإن البحار تطرح نفسها ليس كمصدر بديل بل كمكمل لمصادر الغذاء. وإن كانت البحار قد أثبتت جدارة وتفوقاً عبر قدرتها على تأمين اللحوم الصحية في الأسماك وعلى تأمين المياه عبر تحليتها، فإنها تقول لنا إنها هنا أيضاً لتأمين نباتات طازجة وصحية عبر الطحالب البحرية. وفي منطقتنا العربية ليس من طباعنا ولا تراثنا الغذائي الالتفات الى طحالب البحر كمصدر غذائي أو طبي، لكن ألم يئن الأوان الى أن ننظر إليها بطريقة أخرى؟ فدعونا نعرض ما الذي يقال اليوم عنها وفق ما تناولته الدراسات الطبية فيها.
تتوجه الدراسات الطبية حول الطحالب البحرية الى خمسة جوانب رئيسية وهي، الأول تزويدها الجسم بعناصر غذائية قلما تتوفر في الطبيعة ضمن منتج غذائي واحد مثلها، والثاني تأثير مكوناتها على آليات نشوء وتطور أنواع من السرطان، والثالث عملها على ضبط وتوازن أداء جهاز مناعة الجسم لوظائفه، والرابع عملها فيما يُعرف بإبطال مفعول السموم والمواد المشعة على الجسم، والخامس تأثيرات مكوناتها سواء متفرقة أو مجتمعة على أمراض شرايين القلب من خلال نسبة كل من سكر وكولسترول في الدم ومن خلال أيضاً ترسب الكولسترول في جدران الشرايين وتصلبها. هذا بالإضافة الى أن هناك دراسات أخرى نظرت الى التركيب الكيميائي والقيم الغذائية لأنواع مختلفة منها وبالتالي فوائد كل هذا الصحية والطبية على الذهن ونضارة البشرة والرغبة الجنسية وغيرها.

* القيمة الغذائية

* يرى الباحثون اليوم أن الطحالب البحرية مصدر غذائي جيد لم يتنبه له غالب الناس، ويعللون الأمر بأنها تحتوي على جميع ما في المحيط من معادن وأملاح، ويشبهونها في ذلك بالدم. وبتحليل حصة غذائية تملأ ربع كوب من الطحالب المقطعة، نجد أنها تحوي أكثر من 400 مللي غرام من اليود، أي ما يُؤمن حاجة الجسم لمدة ثلاثة أيام. وعلى ما يغطي 20% من حاجة الجسم اليومية من فيتامين فوليت، وكميات جيدة من الكالسيوم والحديد والمغنيسيوم وفيتامينات أخرى من مجموعة بي. والطحالب غنية بمواد كيميائية عدة، لكن أهمها كما تشير الدراسات الحديثة ثلاث مواد، هي: _ مواد لامينارين Laminarin، وهي إحدى السكريات العديدة التي تخزن هذه الطحالب الطاقة فيها. وهي مواد مفيدة في الوقاية والعلاج لأمراض شرايين القلب، عبر مجهودها في إحداث توازن في عمليات تجلط الدم. ـ مواد فيوكودان Fucoidan التي تشكل لب فوائد الطحالب البحرية، وحولها تدور اليوم غالب الدراسات الطبية. وسيأتي الحديث عنها. ـ مواد ألغانيت Alginate وهي المواد اللزجة في تراكيب جدران خلايا الطحالب، وخاصة النوع البني منها. وكثيرة هي استخداماتها اليوم، ولعل أطباء الأسنان هم أكثر من يدرك أهميتها في تراكيب الأسنان وغيرها. وأطباء الجهاز الهضمي عبر عملها كمضادة للحموضة، وأشهر الأدوية التي تتركب بالأساس منها هو شراب أو حبوب غافيسكون. وأطباء التجميل عبر استخدامات شتى أبسطها تغطية الحروق الجلدية لشفائها بواسطة ألغانيت الكالسيوم. لكن القصة ليست هذه فحسب، بل هي مواد طبيعية عالية الأهمية من خلال قدراتها على الالتصاق بالمواد المشعة والمعادن الثقيلة السامة وأيضاً الجذور الحرة free radicals المساهمة بشكل فعال في أمراض شرايين القلب وخرف الدماغ وغيرها من الأمراض. والفكرة بسيطة، وهي أنها مواد ليفية لا يتم هضمها وتفتيتها بأي من عصارات الأمعاء أو المرارة ولا يُمكن للأمعاء أيضاً امتصاصها، ولذا فإن الجسم حينما يحاول أن ينظف نفسه من المعادن السامة أو المواد المشعة عبر إفرازها مع عصارات المرارة الى الأمعاء كي تخرج مع البراز فإن احتمال دخولها الى الجسم مرة أخرى من خلال الأمعاء الطويلة وارد بشكل عالي، لكن هذه المواد من ألغانيت تعمل على الالتصاق بها ومنع دخولها الجسم مرة أخرى. وترى بعض الدراسات أن لها أثر ايجابي في خفض امتصاص الأمعاء للكولسترول وللسكر، لكن الأمر بعد المراجعة يحتاج الى دراسات أكبر وأكثر لتأكيد هذين الأمرين، وإن كان ما هو متوفر مشجع جداً للظن بذلك خاصة مع وجود عنصر الكروميوم فيها، اسوة بما سبق الحديث عن جدواه عند عرض تأثيرات القرفة على سكر الدم في الملحق الماضي من الصحة في «الشرق الأوسط».

* تناول الطحالب البحرية

* حسبما تقوله مصادر البحث حول الطحالب البحرية، فإن وجود اليود بهذه الكمية يحمي من حصول قصور في أداء الغدة الدرقية لوظائفها نتيجة لنقصه، الأمر الذي يطال حوالي 200 مليون شخص سنوياً، ويُعد نقص اليود هو السبب في 96% من الحالات. واليود هو أهم عنصر طبيعي معقم داخل الجسم، ويتركز في الغدة الدرقية، ولنا أن نتخيل مقدار استفادة الجسم من توفره فيها لو علمنا أن الدم الجاري في الجسم بكاملة يمر من خلال مكونات هذه الغدة مرة كل 15 دقيقة. كما أن أهمية توفيره للجسم يمكن تصورها إذا ما علمنا المظاهر المرضية لنقصه، بدءا من الأطفال حديثي الولادة حينما يكونون عرضة للتخلف العقلي وقصور نمو الجسم حال نقص اليود، وصولاً الى تأثير نقصه لدى البالغين حيث يسهل عليهم التعب من أدنى مجهود، ويظهر الخمول البدني والنفسي والذهني، وتتدنى المناعة ويصعب التأقلم مع الظروف المحيطة من اجتماعية ومناخية وغيرها، حتى الصوت يغدو غليظاً والحديث بطيئاً والشعر مجعداً وعرضة للتساقط وبشرة الجلد خشنة. ويُعد توفر الفوليت بهذه الكمية من مصادر طبيعية عاملا يقي الحوامل من ولادة أطفال ناقصي النمو أو الوزن أو حتى من الولادة المبكرة. والفوليت الطبيعي عنصر غذائي هام للقلب أيضاً، ومن فوائده أنه يُسهم في التخلص من أحد المواد الضارة في الجسم، التي ارتفاعها يُعتبر اليوم لدى أطباء القلب عامل خطورة ومؤشرا على احتمال ارتفاع الإصابة بأمراض الشرايين، وهو الهوموسستين. وكذلك الحال مع تأمين المغنيسوم المفيد لعضلة القلب وخفض مقدار ضغط الدم، وإذا ما أضفنا الى كل هذا ما أشارت إليه الدراسات من فائدة الطحالب البحرية في ضبط نسبة سكر الدم والكولسترول، تتبدى جوانب يُمكن أن يُقال عنها مفيدة للقلب ، لكن الأمر يحتاج الى تحقق تطبيقي أدق مما تصرح به كثير من المصادر الطبية الغذائية، من خلال دراسات مقارنة.

ويعد توفر المغنسيوم مع فيتامينات بي، بالإضافة الى مادة حمض بانتوثينك عوامل تُسهم في تخفيف التوتر النفسي. والذي تذكره المصادر العلمية التي ترى ذلك هو أن مادة هذا الحمض تعمل على ضبط إفراز الغدة فوق كلوية لهرمونات التوتر وخاصة هرمون أدرينالين، وبالتالي فإن من شأن هذه المادة الحمضية تقليل أعراض التوتر، وتقليل تداعيات ذلك كخفض مقاومة الجسم لمثيرات الحساسية، وخفض قوة جهاز مناعة الجسم في مقاومة الميكروبات والإعياء المزمن. وإضافة الى هذه التأثيرات على مناعة الجسم، فإن مادة فيوكودان تخفف من إفراط عمليات الالتهابات، الأمر الذي يعلل الفائدة التي تقول ربما أن الطحالب البحرية تقلل من نوبات الربو. ونظراً لتوفر مادة ليغنان التي تعمل عمل الهرمون الإنثوي لكن بقوة ضعيفة، ولتوفر المغنسيوم، فإن أعراض بلوغ سن اليأس تخف لدى متناولات الطحالب البحرية من اضطرابات النوم والمزاج والتغيرات في الجلد غيرها. وغني عن الذكر ما تثيره كثير من مصادر الدعاية للطحالب البحرية في شرق العالم وخاصة حول النوع الأحمر منها في شراب الطحالب شاي موس البحري من تنشيط للرغبة الجنسية وإضفاء مزيد من القوة على الانتصاب، لكن الأمر يحتاج الى دراسة أدق لما يُذكر.

وبالجملة فإن الدراسات من اليابان والولايات المتحدة والأرجنتين والسويد وكندا وأسبانيا تشير الى قدرة هذه المادة على وقف النمو السرطاني، وتنشيط خلايا جهاز مناعة الجسم، ومنع الإصابة بالأمراض الفيروسية خاصة الهربيس، وتخفيف حدة تفاعل الجسم مع المواد المسببة للحساسية، ووقف تدهور ترسيب الكولسترول في الشرايين وحالات ألزهايمر، وتطور مراحل شيخوخة خلايا الجسم، وتعديل ارتفاع سكر الدم. وآخرها في شهر مارس الحالي ما أعلنه الباحثون من فرنسا أن لهذه المادة قدرة قوية على تنظيم إفرازات الأنسجة الليفية الضامة في تفاعلات التئام الجروح داخل وعلى جلد الجسم. وفي نفس الشهر أيضاً اتخذ الباحثون الألمان من هذه المادة حكماً إيجابياً في تقييم قدرة السكريات العديدة في حليب الأم على تحفيز مناعة الجسم عند متابعة القضاء على الميكروبات. لكن الدراسات الأبرز للفرنسيين كانت حول فائدة مادة فيوكودان إما منفردة أو بإضافتها الى عقار هيبارين المسيل للدم، وذلك في منع عودة سد الشريان التاجي بعد توسيعه بالبالون أثناء القسطرة. ودراسة جامعة ريوكاوس في إيكيناوا باليابان في ديسمبر الماضي حول تأثير هذه المادة في حالات لوكيميا الخلايا الليمفاوية، التي يقول الباحثون أنها مادة واعدة لعلاج هذا النوع من السرطان. والحقيقة أن الأبحاث وكثرتها، والتي وصلت الآن إلى مرحلة متقدمة عبر دراسة تأثيرات استخدامات دقيقة لها كمادة علاجية، تثير في ذهن الإنسان استغراباً لعدم وضع الكثيرين هذه الطحالب البحرية ضمن وجباتنا من آن لآخر على أقل تقدير.
تقبلو تحياتي منقول

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.