هل تمر عليكِ لحظات عصيبة تشعرين فيها أنك وحيدة في هذا العالم؟
هل تشعرين بغربة بين أهلك.. مع والدك ووالدتك.. مع إخوتك وأقاربك؟
هل تشعرين بالفجوة الكبيرة بين أحلامك ورؤيتك للحياة السعيدة، وبين واقعك؟
مشاعر صعبة، وعلاقات متوترة، قد تجعلك سريعة البكاء، أو سريعة الغضب، أو شديدة العزلة.
لن أقول لكِ أن هذه مشاعر طبيعية في فترة المراهقة، ولن ألقي باللائمة كما يفعل البعض على التغيرات الهرمونية، أو المجتمعات الشرقية.. ولكنني أدعوكِ لإدراك أهمية المرحلة التي أنتِ فيها الآن.
فترة المراهقة أو"الفتوة" مرحلة عمرية غالية، وسواء اهتممتِ بها، وأدركت عظيم تأثيرها، أو لم تلقي بالا فهي مهمة، وستؤثر عليكِ وتشكل مشاعرك وطريق حياتك طوال عمرك.
فالمشاعر الجارفة، أحلام اليقظة، الآمال والتصورات، ما تحبي وما تكرهي، ما تقبلي وما ترفضي في هذه المرحلة سيؤثر كثيرا على خياراتك، وكذلك الصديقات والنشاطات لها عمق شعوري لن تتخيلي مداه إلا بعد أن تغادري هذه المرحلة.
وعلى الرغم من إنكِ على موعد مع فوران عقلي، وتغيير للأفكار، وبلورة للآراء في المرحلة القادمة بين 21- 30، إلا أن مرحلة المراهقة 13- 21.. هي الأعظم تأثيراً على العاطفة والتوجهات العامة، فامتلكي زمام أمرك فيها، وكوني على قدر المسؤولية، كوني مبادرة، فالمبادرة هي أهم دليل على نضجك وخروجك من مرحلة الطفولة، وهي الأداة التي ستساعدك على تحقيق ذاتك واحترامك، وحتى لا تكوني مجرد رد فعل لما يقوم به الآخرون، إليكِ الخطوات الخمس للمبادرة في مرحلة المراهقة، وهي:
(( قللي رفضك – حققي استقلالك- عبِّري عن ذاتك – شاركي أهلك – أظهري حبك))
1- قللي رفضك :- الرفض الدائم للآخرين ولما حولنا قد يفقدنا الإيمان بقدراتنا على التغيير.
يجب أن تظل حالة الرفض في مكانها وبحجمها، إدراك للأمور السيئة، وألا تصبح رد فعل.. فالرفض هو مجرد استياء واعتراض، ولا يمكن أن يكون اختيار فعال.
الحياة ليست صفحة سوداء قاتمة، والبشر مهما بلغ اختلافنا معهم ليسوا شياطين.. إذا عودتي نفسك أن تبحثي عن الجانب المشرق، مهما كان ضئيلاً ولو بصيص من نور فقد وجدتِ مفتاح التغيير.
لا أدعوكِ إلى تزييف إدراكك للحياة، ومحاولة تجميل القبيح، وإنما فقط أن تري الخير كما تري الشر، وأن تلحظي المزايا في خضم إحصاء العيوب.
2- حققي استقلالك :- الاستقلالية هي ما تمنحك الإحساس الرائع بالحرية، ولكن ربما تشعرين أن الاستقلالية حلم صعب المنال في هذه الفترة من حياتك، فأنتِ لا تملكين مقوماتها المادية أو المعيشية.
ولكن الاستقلالية ليست صعبة، هي فقط تحتاج إلى إعادة تعريف وتصور، الاستقلالية ليست مجرد سكناً مستقلا، أو اكتفاء مادياً.. فهذا لا يحقق وحده الاستقلال.
الاستقلال هو أن تعرفي ذاتك، وتكوني آراءك، وتحددي أهدافك.
أن يكون بينك وبين نفسك جسر من المعرفة والتصالح، أن تكون حياتك بنكهتك أنتِ وليس غيرك.
لا يعني هذا ألا تتأثري وألا تعجبي أو تقتدي بأخريات وآخرين، فهذا التأثر هام في تشكيل شخصياتنا، ولكن المهم أن يكون الغير عنصراً مؤثراً فيكِ وليس ماحيًا لشخصيتك.
الاستقلال أن تتعلمي وتقدري على قول لا لصديقة إذا لم يعجبك تصرفها، أو لم توافقي على طلبها.
الاستقلال أن تتعلمي إدارة وقتك فهو رأس المال الحقيقي، بحيث تجعلي جزءاً منه خاصاً بكِ.. بهواياتك وأعمالك الخاصة.
3- عبِّري عن ذاتك :- ارسمي عالمك الخاص، ارسميه بنشاطاتك وهواياتك.. عبري عن ذاتك بخصوصية، ضعي بصمتك على حياتك.
توسيع دائرة النشاط، والاهتمام بتكثير هواياتك وأعمالك، يفتح أمامك الآفاق لوقت سعيد وطيب، بالإضافة إلى التعرف على الذات والمهارات، مما يمكنك من اختيار مجال التخصص الدراسي والعملي على بينة وبصيرة.
النشاطات كثيرة: القراءة والكتابة، الرياضة، النشاط المجتمعي والخيري، البحث والتدريب، تعلم المهارات اليدوية واللغات والفنون المختلفة.
4- شاركي أهلك :- ما أجمل أن تكون الفتاة هي مَن تحطم العزلة في بيتها، هي من تخلق جو المشاركة بين أفراد أسرتها، متخطية الصعوبات، تبدأ الحديث مع أمها، تطلع والدها على نشاطاتها، تطلب الرأي والمشورة من أختها، تمنح سمعها وقلبها لهموم أخيها وأحزانه.
5- أظهري حبك :- هذه المشاعر الفياضة، الأحاسيس المرهفة يجب أن تتوجه لله تعالى أولا.. فبحب الله يفيض الحب في هذه الحياة، ومن حبه يتولد كل حب.
محبة الله هي الوحيدة القادر على سد احتياج القلب، وشعوره بالأنس وتبديد وحدته وألمه وحزنه.. علاقتك بالله تبدأ من هنا.. من المحبة، فهي رأس طائر العبادة، وهي المحرك الأساسي لكل طاعة ثم يأتي بعد ذلك الخوف والرجاء.
لا تدعي معاناتك أو الألم الذي سببه لك أي أحد يحولك إلى مخلوق ينفث الكراهية، لا تستسلمي للكراهية حتى لا تدمرك أنت أولا.
غلبي مشاعر الحب على مشاعر الكره والرفض، الحب سيريحك، ويطلق نشاطك، ويعلي همتك، وينير قلبك.