فحص جديد للكشف عن مخاطر مرض السكري عند حديثي الولادة
يمهد لإنتاج لقاح يقلل مخاطر الإصابة بالمرض
نجح العلماء في السنوات الأخيرة في تشخيص 12 جينا تساهم مباشرة في نقل داء السكري، خصوصا السكري من النوع الأول، من الأهل إلى الأطفال. ويعتبر هذا النوع المبكر من المرض من أخطر أنواعه وأكثرها انتشارا في الآونة الأخيرة في العالم، وفي البلدان الصناعية أساسا.
فحص جيني
وذكر العلماء، من معهد دراسات السكري الألماني، أنهم نجحوا في ابتكار فحص جديد يمكن أن يكشف عن الجينات الـ12 في دماء الأطفال حديثي الولادة.
ويكشف هذا الفحص مدى استعداد الطفل الوراثي للإصابة بمرض السكري من النوع الأول، كما يمهد لإنتاج لقاح يمكن له، على الأقل، إبعاد شبح السكري المبكر عن الأطفال، وتقليل مخاطر الأعراض عليهم مستقبلا.
ويمكن لمثل هذا اللقاح بالطبع أن يوقف الانتشار المقلق للمرض بين الناس.
وكتبت الباحثة الألمانية أنيتا غابريلا تزيغلر في مجلة «الجينات والمناعة» أن النوع الأول من السكري الذي يصيب الأطفال عادة، ينشأ نتيجة قيام نظام المناعة في الجسم بمهاجمة خلايا بيتا، إلى تفرز الإنسولين، ويقتلها.
وهذا يندرج بالطبع ضمن أمراض المناعة الذاتية التي يقف الطب عاجزا عن علاجها بالكامل. وينتقل هذا النوع من المرض من الأهل، إلى الأطفال، لكن مخاطر تعرض الأطفال إلى المرض المبكر تعتمد إلى حد كبير على عدد الجينات التي انتقلت إلى دم الطفل.
رصد المخاطر
ويرفع كل جين إضافي من هذه الجينات الـ12 في دم الطفل، درجة الخطورة بنسبة معينة. لكن هذا لا يعني أن كل الأطفال، الذين يولدون لأبوين، أو أحدهما، يعانيان من السكري، سيصابون بالسكري من النوع الأول.
ويكشف الفحص الجديد، بعد أخذ عينة دم من كعب الطفل، عن كل الجينات الـ12، ويمنح الطفل، من ثم درجات خطورة تتراوح بين صفر (انتفاء وجود أي جين) و24 (كل الجينات الـ12 موجودة)، أي أقصى خطورة.
وهذا يكشف درجة استعداد الطفل للإصابة المبكرة بالسكري من النوع الأول، ويمهد الطريق أمام حمايته المبكرة أيضا من العوامل الإضافية التي قد تسرع ظهور المرض.
بغية التأكد من دقة نتائج الفحص استخدمت أنيتا غابريلا تزيغلر وزملاؤها موجودات بنك الدم الذي أسسوه في الثمانينات لهذا الغرض. وهي عينات دم أخذت من 1650 طفلا، بعد ولادتهم مباشرة، عام 1989، وولدوا كلهم لعائلات يعاني الوالدان فيها، أو أحدهما، من مرض السكري.
وفضلا عن خزن العينات كل هذه الفترة، فقد تابع فريق العمل نشوء الأطفال وتطورهم ومدى تعرضهم للإصابة بالسكري من النوع الأول.
وأثبتت نتائج فحص عينات الدم، بحثا عن الجينات الـ12، أن 25 في المائة من الأطفال، كانوا يحملون عددا من الجينات يزيد على 15 درجة، وأصيبوا بالتالي بالسكري من النوع الأول قبل بلوغهم سن 14 سنة.
أما الأطفال الذين كانت دماؤهم تحمل جينات بدرجة تقل عن 12 فقد سلموا من المرض المبكر، مع عدم وجود ضمانة على أنهم لن يصابوا به مستقبلا.
«لقاح» ضد السكري
واعتبر البروفسور شتيفان ماتاي، رئيس معهد أبحاث السكري الألماني، هذا النجاح مهما على طريق وقف انتشار المرض.
وقال إن الفحص يمهد لإنتاج لقاح مضاد للسكري من النوع الأول على المدى البعيد.
وسيعتمد اللقاح على فكرة «تعويد» نظام مناعة الطفل على الإنسولين، وبالتالي وقف أو تأخير نشوء آلية المناعة الذاتية، التي تفتك بخلايا «بيتا» في البنكرياس.
وأضاف أن الطريق إلى اللقاح لا يزال طويلا، وأنه لا يتوقع أن يتم بلوغه خلال سنوات قليلة.
يذكر أن الباحث الألماني ميشائيل رودن، من مركز أبحاث السكري الألماني، أجرى تجاربه المختبرية على الفئران، وتوصل إلى أن ذرات الغبار الملوثة أصبحت عاملا يعرض الإنسان للإصابة بمرض السكري.
وذكر رودن أن الفئران، التي تم تعريضها لمخاطر الغبار الملوث طورت في أجسامها مقاومة لعمل الإنسولين وهو الهرمون المعروف بعمله الخافض لمستوى الغلوكوز في الدم.
وهذا ليس كل شيء لأن هذه الفئران، مقارنة بمجموعة فئران أخرى لم تتعرض للغبار الملوث، زاد خطر إصابتها بسكري الدم بنسبة 20%.
وعبر الباحث عن ثقته من أنه اكتشف «عامل خطورة» جديدا في عملية الإصابة بالسكري. هذا لا يغفل العوامل الغذائية والوراثية والنفسية طبعا، لكنه يضع التلوث البيئي ضمن العوامل العديدة التي تزيد من خطر الإصابة بالسكري، وتضاعف عند الإنسان، المستعد وراثيا، مخاطر الإصابة بالمرض في مراحل مبكرة.