واكتشفت الباحثة ماري سوليل بيدوان أن مستويات السكر في دم الشخص السليم ترتفع بعد تناول وجبة بها مقدار كبير من الدهون، إلا أن ارتفاع هذه المستويات يتضاعف بعد تناول الوجبة كثيرة الدهون وبعدها قهوة تحتوي على الكافيين، لتصل إلى مستويات شبيهة بتلك الخاصة بالأفراد المعرضين للإصابة بمرض السكري.
وتؤكد بيدوان التي تسعى للحصول على درجة الدكتوراه والتي أجرت الدراسة مع الأستاذة بجامعة جيلف ليندساي روبنسون وتيري جراهام: "تخبرنا النتائج أن الدهون المشبعة تتداخل في قدرة الجسم على إزالة السكر من الدم، وعندما يصحب ذلك تناول قهوة محتوية على الكافيين، يكون الأثر أشد سوءاً".
وأضافت أن "بقاء السكر في دمائنا لفترات طويلة غير صحي لأنه يمكن أن يؤثر على أعضاء جسدنا".
وقد نشرت الدراسة في الأول من إبريل الحالي في مجلة "جورنال أوف نوتريشن" المعنية بالتغذية، وتعد الأولى التي تفحص آثار الدهون المشبعة والقهوة ذات الكافيين على معدلات سكر الدم من خلال توظيف الباحثين لـ"كوكتيل" دهون جديد يحتوي على اللبيدات فقط، وقد شكل ذلك شراباً خاصاً سمح للباحثين أن يحاكوا بدقة ما يحدث للجسم عندما يتناول الإنسان الدهون، طبقاً لما ورد بجريدة "أنباء الشرق الأوسط".
وخلال الدراسة شرب رجال أصحاء نحو جرام واحد من الشراب مقابل كل كيلوجرام من وزن الجسم للوجبة الأولى. وبعد ست ساعات حصلوا على وجبة ثانية صغيرة تتكون من شراب سكر.
وفي المعتاد عندما نتناول السكر، يفرز الجسم الأنسولين، الذي يحول السكر بعيداً عن الدم ويوزعه على عضلاتنا، بحسب ما تذكر بيدوان. ولكن الباحثين اكتشفوا أن الوجبة كثيرة الدهون تؤثر في قدرة الجسم على إزالة السكر من الدم. وكانت معدلات السكر في دم الأشخاص محل الدراسة أعلى بنسبة 32% بالمقارنة بالمعدلات عندما لم يتناول الرجال شراباً، أي "كوكتيل" الدهون هذا.
وقام الباحثون أيضاً باختبار أثر القهوة المحتوية على كافيين مع الوجبة المحتوية على دهون. ومن أجل هذا الاختبار، حصل المشاركون على ما يساوي كوبين من القهوة المحتوية على كافيين بعد خمس ساعات من تناول الشراب الدهني. ثم أعطوا بعد ساعة شراب سكري.
وأظهرت النتائج أن معدلات السكر في الدم ارتفعت بنسبة 65% بالمقارنة مع معدلاتها عندما لم يتناول المشاركون الدهون أو القهوة المحتوية على كافيين.
وتقول بيدوان: "يظهر ذلك أن آثار الوجبة المحتوية على قدر كبير من الدهون يمكن أن تستمر لأربع ساعات. وما تتناوله في الغداء يمكن أن يؤثر على كيفية استجابة الجسم للطعام في وقت لاحق في النهار".
وإلى جانب اختبار معدلات السكر في دم المشاركين، نظر الباحثون في آثار الجهاز الهضمي من خلال قياس هرمون "incretin" الذي يخرج من القناة الهضمية بعد تناول الدهون. وتبعث هذه الهرمونات بإشارات إلى البنكرياس كي ينتج الأنسولين للمساعدة على تخليص الدم من السكر.
واكتشف الباحثون أن استجابات هذه الهرمونات للكربوهيدرات تقل بعد تناول الشراب المحتوي على دهون. وتقول بيدوان: "في النهاية اكتشفنا أن الدهون والقهوة المحتوية على كافيين يلحقان الضرر بعملية التواصل بين القناة الهضمية والبنكرياس، مما قد يلعب دوراً في عدم قدرة المشاركين على إزالة السكر من دمائهم بسهولة"، كما نقل عنها موقع "ميديكال نيوز توداي" الإخباري الطبي.
وتحظى نتائج هذه الدراسة بأهمية خاصة للأشخاص المعرضين للإصابة بأمراض الأيض (التمثيل الغذائي) ومرض السكري من النوع الثاني، بحسب ما ذكرت. وأضافت: "عرفنا منذ أعوام أن الأشخاص الذين يعانون من النوع الثاني من مرض السكري أو يحتمل أصابتهم به يجب أن يحدوا من تناولهم للكافيين".
ويعد احتساء القهوة منزوعة الكافيين بدلاً من المحتوية على كافيين وسيلة من أجل تحسين قبول الجسم للجلوكوز. ومن المفيد أيضاً الحد من تناول الأحماض المشبعة بالدهون الموجودة في اللحوم الحمراء والأطعمة المعالجة والوجبات السريعة. وقد أظهرت هذه الدراسة أن تأثيرات هذه الأطعمة قد يكون خطيرا ويستمر لوقت طويل.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
يوجد الكافيين في العديد من المشروبات والأطعمة والعقاقير الطبية، مثل القهوة والشاي والمشروبات الغازية والمشروبات الأخرى الباعثة للطاقة مثل "ريد بول"، والشكولاتة، والعقاقير الطبية الموصوفة، كما تحتوي بعض أقراص الصداع والمسكنات وأدوية السعال وأقراص التخسيس على الكافيين أيضاً.
كمية الكافيين المناسبة للشخص
يتفق الخبراء على أن الاستخدام المعتدل للكافيين لن يكون مضرًا للأفراد بصورة عامة، حيث يجب أن تكون أعلى نسبة لتناول الكافيين هي 500 ملجم يومياً، والنسبة المتوسطة 250-500 ملجم، أما النسبة القليلة فهي أقل من 250 ملجم.
وقد تظهر الأعراض الجانبية السلبية المذكورة حتى مع تناول كمية قليلة يبلغ معدلها 100 ملجم يومياً بالنسبة للبعض، فلكل منا نسب استجابة مختلفة للمواد التي يتم تناولها.
لهذا يجب على الفرد أن يقوم باحتساب نسبة الكافيين التي يتناولها يومياً، واحتمالية زيادة الكافيين إثر بعض العقاقير الطبية التي يتناولها، فتناول 3 أقراص للصداع سيضيف 150 ملجم من نسبة الكافيين على مدار اليوم.
أعراضه الجانبية
قد تتضمن أعراض الكافيين الجانبية: سرعة وعدم انتظام ضربات القلب، الأرق، العصبية وحدة الطبع، الارتعاش، الصداع، آلام البطن، الغثيان والتقيؤ، الإسهال وزيادة إدرار البول.
كما أن هناك أثراً جانبياً آخر للكافيين ألا وهو احتمال إدمانه والاعتياد عليه.
ويعمل الكافيين على زيادة ضغط الدم، حتى مع الأفراد الأصحاء، لكنه يزيد بصورة أكبر مع كبار السن على وجه الخصوص، لذا يجد الأفراد الذين يعانون فعلياً من ارتفاع ضغط الدم، أن تناول كميات كبيرة من الكافيين يزيد من نسبة ارتفاع ضغط الدم لديهم إلى مستويات غير مقبولة، كما توصل بحث إلى أن النساء اللاتي يتناولن كميات مفرطة من الكافيين لا ترتفع لديهن نسبة الحمل مقارنة بمن يتناولن نسباً معتدلة من نفس المادة.
ومن إحدى القضايا الأخرى هي وجود حمض التانيك والمثيرات المعوية في الكثير من المشروبات التي تحتوي على الكافيين. لذا، فعند الإفراط في شرب تلك المشروبات فإنها تعوق الامتصاص المناسب للمواد المغذية والمعادن التي يحتاجها الجسم من أجل أداء وظائفه بالصورة الملائمة.
منقول للفائدة