قال الشيخ حمد العثمان حفظه الله في كتابه النفيس المحرر في مصطلح الحديث في الباب السادس منه وهو الحديث المعلل ص 308 وما بعدها :
وجوه ترجيح أحكام المتقدمين:
لا بد هنا من بيان بعض أسباب قوة الحدس عند المتقدمين، لأن معرفة ذلك مما يوجب التشبث بأحكام المتقدمين، وأن تقع تصحيحاتهم في القلوب موقعها، بخلاف من يعظم في نفسه حكم المتأخر، وإذا ذُكر له حكم المتقدم أخّره، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
فالأسباب كثيرة، ولكن أمهاتها ترجع إلى ما يلي:
الأول: التقدم:
فهذه اللفظة بمجردها تعني الكثير، فالمتأخرون خلف المتقدمين، والسلف أعلم وأحكم.
والمتقدمون أتقى لله ممن خَلَفهم، والتقوى سبب العلم، وما زال العلم في نقص.
قال الشاطبي -رحمه الله- (ت: 790هـ): «فأعمال المتقدمين في إصلاح دنياهم ودينهم على خلاف أعمال المتأخرين، وعلومهم في التحقيق أقعد، فتحقق الصحابة بعلوم الشريعة ليس كتحقق التابعين، والتابعون ليسوا كتابعيهم، وهكذا إلى الآن» [الموافقات (1/97)].
والحافظ السخاوي -رحمه الله- (ت: 902هـ) لما ذكر طبقات العلماء الذين تكلموا في الرجال بدأ بالصحابة حتى انتهى إلى طبقة شيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني، ثم قال: «وآخرون من كل عصر ممن عدَّل وجرَّح، ووهَّن وصحَّح.
والأقدمون أقرب إلى الاستقامة، وأبعد من الملامة ممن تأخر، وما خفي أكثر» [الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، بواسطة (ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل) عناية د. عبدالفتاح أبو غدة ص129].
…يتبع