لا شك أن كل منا يسعى ويجاهد ليطور ذاته وغيره فكيف يكون ذلك؟! وما شروطه؟ وكيف يتحقق؟!
لنتفق في البداية أن يكون شعارنا :
دقات قلب المرء قائلـة لـه * * * إن الحياة دقائق وثوانِ
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها * * * فالذكر للإنسان عمر ثانِ
ولكن يخلط البعض بين التطوير والتغيير فما الفرق بينهما؟!
فيما يتعلق بالتطوير: ورد في (لسان العرب) أن الطور تعني: الحال أو الحالات المختلفة، وتطور: أي تحول من طور
إلى طور. وهو التغيير التدريجي الذي يحدث في تركيب المجتمع أو العلاقات أو النظم أو القيم
السائدة فيه (المعجم الوسيط).
أما التغيير: ففي (لسان العرب) غير عليه الأمر: حوله، وتغايرت الأشياء: اختلفت، وغير: أصلح الشيء، غير
الشيء: بدل به غيره وجعله على ما كان عليه.
ونحن لا نريد أن نتغير، بل نقبل أنفسنا كما هيـ فأنا كما أنا وإنما أطور من نفسي ومن جوانب شخصيتي.
الأهداف من التطوير:
1- تتمكن من تحديد أهدافك وتحقيقها بنجاح.
2- معرفة رسالتك.
3- التعرف على شمالك!!
4- التعرف على الحاجات الإنسانية الأساسية.
5- دراسة مراحل التمكين أو التمكن من المهارة.
6- يساعدك على فهم الذات من خلال معرفة قيمك.
لتطوري ذاتك لا بد لك من الهمة العالية.. فما هي الهمة؟
الهمة هي: الباعث على الفعل، وتوصف بعلو أو سفول، فمن الناس من تكون همته عالية إلى السماء، ومنهم من
تكون قاصرة سافلة دنيئة تهبط به إلى أسوأ الدرجات.
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى واصفاً الهمة العالي: "علو الهمة ألا تقف (أي النفس) دون الله، ولا تتعوض عنه
بشيء سواه، ولا ترضى بغيره بدلاً منه، ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به
بشيء من الحظوط الخسيسة الفانية، فالهمة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور لا يرضى بمساقطهم ولا
تصل الآفات التي تصل إليهم، فإن الهمة كلما علت بعدت عن وصول الآفات إليها، وكلما نزلت قصدته الآفات من كل
مكان".
وقد قيل: المرء حيث يجعل نفسه، إن رفعها ارتفعت، وإن قصر بها اتضعت.
وقال أبو الطيب المتنبي:
لهم همم لا منتهــى لكبارهــا
وهمته الصغرى أجل من الدهر
وقال أحدهم: "الهمة طريق إلى القمة".
ولكن حذار من التمني فالتمني قاتل للهمة والتطور
وما نيــــل المطالــــب بالتمنـــي
ولكــن تؤخذ الدنيـــا غلابـــــــــاً
ومن أعظم المغالبات مغالبة النفس لتصبح ذات طموح عال ورغبة عارمة للتطور. فالنفس تحتاج لمران ومجاهدة
وتعلم، قال – صلى الله عليه وسلم -: "إنما العلم بالتعلم".
رباعية الهمم:
1- متكاسلون عاجزون واتكاليون. وهؤلاء قليلون، ولله الحمد.
2- يقضون الحوائج ويسعون في الأرض ويؤدون الفرائض، ولكن بقدر استطاعتهم، وقد تكون أكثر قليلاً من
استطاعتهم ومقدرتهم. وأغلب الناس ينتمون لهذه الفئة .
3- يريدون أن يرتقوا بأنفسهم ولا يعرفون السبيل لذلك، فتتخبط عندهم الأمور، فتجدهم ينجزون أمور عظيمة
ويستصعبون اليسيرة الممكنة. وهؤلاء لا يحققون ما يريدون.
4- يتجاوزون المستحيل ولا يخضعون له وهم نادرون يستطيعون أن ينجزوا ما ينجزه فريق متكامل.على قدر أهل العزم تأتي العزائــم
وتأتي على قدر الكرام المكـارم
وتعظيم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
أهمية الهمة:
يقول ابن القيم رحمه الله:- "لا بد للسالك من همة تسيره وترقيه، وعلم يبصره ويهديه". وقد قيل: "كن رجلاً رجله
في الثرى وهمته في الثريا، ما افترقت الناس إلا في الهمم، من علت همته علت رتبته، ولا يكون أحد إلا فيما
رضيت له همته". وقال آخر: "همتك فاحفظها، فإن الهمة مقدمة الأشياء، فمن صلحت له همته وصدق فيها صلح له
ما وراء ذلك من الأعمال".
ومن أمثلة علو الهمة:
– الصحابي الجليل معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ وهو على فراش الموت كان يخاطب الحي القيوم: "اللهم إنك تعلم
أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا ولا طول المكث فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن كنت أحب
البقاء لمكابدة الليل الطويل، وظمأ الهواجر في الحر الشديد، ولمزاحمة العلماء بالركب في حلق الذكر". هل رأيت كيف
علو الهمة؟!
– شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ استطاع في فترة وجيزة نشر التوحيد مع ما لاقاه من أذى.
– ومن الأمثلة ما قاله أحد السلف: "مكثت ثلاثين سنة أشتهي أن أشارك العامة في أكل هريسة السوق فلا أقدر على
ذلك لأجل البكور إلى سماع الحديث".