المريض حين يصيبه المرض يفوز من الله تعالى بأجر كبير على ابتلائه بالمرض أولا، ثم على صبره على المرض ثانياً، ثم إذا صبر وحمد الله على ابتلائه، واحتسب ثالثاً، وهذا هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في حديثه الشريف المعروف:"ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه".
ولا يجب على المسلم أن يتضجر من وطأة مرضه، ويروح ويشتكى لكل زائر له حيث جعل الإنسان على أن يكون شكاء في كل ما يصيبه وهو يعلن لكل من يراه من الأهل أنه مريض ويعانى، ولا طاقة له باحتمال المرض وشدته، وأنه يئس من حياته ويستعجل مماته، وأنه. . . وأنه. . . . الخ، وهذا والله خطأ فادح يقع فيه ابن آدم، ولئن صبر لكان خيراً له، لأنه بهذا التضجر وعدم الصبر وضيق الصدر بابتلاء الله له، فإنما هو يأثم وينساق في طريق إبليس اللعين دون أن يدرى، ويبتعد "والعياذ بالله" عن طريق الخير، الذي كتبه الله له، وأن يصبر على مرضه ويحتسب كما حثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففي ذلك الخير كل الخير له في الدنيا والآخرة، إذا يجب على المريض أن يحمد الله عز وجل على نعمة الابتلاء بالمرض، فلعل الله أراد بابتلائه هذا أن يمنع عنه وقوع بلاء أشد من المرض يكون فيه هلاكه في الدنيا وخسارته لدينه في الآخرة "والعياذ بالله".
لهذا ينصحنا ديننا بالصبر والاحتساب، وحمد الله على ابتلائه قبل نعمائه وعلى ضره قبل خيره، فهو سبحانه وتعالى على كل شئ قدير، يبتلى ويبرئ، ويمرض ويشفى، ثم هو يميت ويحيى.
ويجب أن نحسن الظن بالله، وقدرته وان قدرته جل شأنه ليس لها حدود، ولا تخضع لمنطق العقل البشرى القاصر، فهو سبحانه وتعالى قادر مقتدر، وقدرته ليست موضع شك، وهى خارج كل تصور أو معرفة، وفى هذا يقول صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله". كما أنه لا يجب أن يشكو المريض لغير الله سبحانه وتعالى، فلا يقول لأحد مثله ولو كان والديه إني أشتكى من مرض كذا، أو أعانى من داء كذا. . وألا سيكون بذلك كمن يشتكى الخالق للمخلوق وهذا منطق معكوس ومرفوض ومؤثم، وإنما عليه إذا سئل عن حاله أن يقول (بي مرض كذا والحمد لله) أو "أعانى من كذا والحمد لله على عطائه"، فهو هناك بحمده لله يؤكد رضاءه بقضاء الله، وهو بهذا لا يكون قد أنساق وراء وسوسة الشيطان الرجيم ولم يخرج عن طريق الله القويم.