حكم المزاح كذبا و شروط المزاح المباح .</STRONG>
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمدلله وحدهـ , و الصلاة و السلام على نبينا محمد صلى الله عليه و آله و صحبه و سلــم ..
/
/
/
* سُئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – :
ما حكم النكت في ديننا الإسلامي ، وهل هي من لهو الحديث ، علماً بأنها ليست استهزاء بالدين .. أفتونا مأجورين ؟
فأجاب رحمه الله :
التفكه بالكلام والتنكيت إذا كان بحق وصدق فلا بأس به ،
ولا سيما مع عدم الإكثار من ذلك ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح
ولا يقول إلا حقاً ، صلى الله عليه وسلم .
أما ما كان بالكذب فلا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ، ويل له ، ثم ويل له )) والله ولي التوفيق .
نقلاً من كتاب : ( الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية من فتاوى علماء البلد الحرام ص933 ، ومجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6/391 )
* سُئل الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله – : في كلام البعض – وحين مزاحهم مع الأصدقاء – يدخل شيء من الكذب للضحك .. فهل هذا محظور في الإسلام ؟
. فأجاب – رحمه الله تعالى – : نعم ، هو محظور في الإسلام ، لأن الكذب
كله محظور ويجب الحذر منه ، قال صلى الله عليه وسلم : (( عليكم بالصدق فإن
الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق
حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي
إلى النار ، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً )) ،
وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ويل لمن كذب ليضحك به القوم ، ويل له ثم ويل له )) ،
وعلى هذا فيجب الحذر من الكذب كله سواء من أجل أن يُضحك به القوم أو مازحاً أو جاداً . وإذا عود
الإنسان نفسه على الصدق وتحريه صار صادقاً في ظاهره وباطنه ، و
لهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (( ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقاً )) ،
ولا يخفى علينا جميعاً ما يحدث نتيجة للصدق ، وما يحدث نتيجة الكذب .
نقلاً من كتاب : ( الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية من فتاوى علماء البلد الحرام ص 700 ، 701 )
* ما هي شروط المزاح الشرعي ؟.
الحمد لله للمزاح الشرعي شروط وهي :
1- لا يكون فيه شيء من الاستهزاء بالدين :
فإن ذلك من نواقض الإسلام قال تعالى :
( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون – لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )
التوبة/65-66 ، قال ابن تيمية رحمه الله : ( الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه )
وكذلك الاستهزاء ببعض السنن ، ومما انتشر
كالاستهزاء باللحية أو الحجاب ، أو بتقصير الثوب أو غيرها .
قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في المجموع الثمين 1/63 :
فجانب الربوبية والرسالة والوحي والدين جانب محترم لا يجوز
لأحد أن يبعث فيه لا باستهزاء بإضحاك ، ولا بسخرية ، فإن فعل
فإنه كافر ، لأنه يدل على استهانته بالله عز وجل ورسله وكتبه وشرعه ،
وعلى من فعل هذا أن يتوب إلى الله عز وجل مما صنع ، لأن هذا من النفاق ،
فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ويصلح عمله ويجعل في
قلبه خشية من الله عز وجل وتعظيمه وخوفه ومحبته ، والله ولي التوفيق .
2- لا يكون المزاح إلا صدقاً :
قال صلى الله عليه وسلم :
( ويل للذي يُحدث فيكذب ليُضحك به القوم ويل له ) رواه أبو داود . و
قال صلى الله عليه وسلم محذراً من هذا المسلك الخطير الذي اعتاده بعض المهرجين :
( إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليُضحك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا ) رواه أحمد 3
– عدم الترويع : خاصة ممن لديهم نشاط وقوة أو
بأيديهم سلاح أو قطعة حديد أو يستغلون
الظلام وضعف الناس ليكون ذلك مدعاة إلى الترويع والتخويف ، عن أبي ليلى قال :
( حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم ،
فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل فأخذه ففزع ، فقال رسول الله عليه وسلم :
( لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً ) رواه أبو داود .
4- الاستهزاء والغمز واللمز : الناس مراتب في مداركهم وعقولهم
وتتفاوت شخصياتهم وبعض ضعاف النفوس – أهل الاستهزاء والغمز واللمز – قد
يجدون شخصاً يكون لهم سُلماً للإضحاك والتندر – والعياذ بالله – وقد نهى الله عز وجل
عن ذلك فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ) الحجرات/11 ،
قال ابن كثير في تفسيره : ( المراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم والاستهزاء بهم ، وهذا حرام ،
ويعد من صفات المنافقين ) والبعض يستهزأ بالخلقة أو بالمشية أو المركب
ويُخشى على المستهزئ أن يجازيه الله عز وجل بسبب استهزائه قال صلى الله عليه وسلم :
( لا تُظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك ) رواه الترمذي .
وحذر صلى الله عليه وسلم من السخرية والإيذاء ،
لأن ذلك طريق العداوة والبغضاء قال صلى الله عليه وسلم :
( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ها هنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ) رواه مسلم . 5
– أن لا يكون المزاح كثيراً : فإن البعض يغلب عليهم هذا الأمر ويصبح ديدناً لهم ،
وهذا عكس الجد الذي هو من سمات المؤمنين ، والمزاح فسحة ورخصة
لاستمرار الجد والنشاط والترويح عن النفس . قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله :
" اتقوا المزاح ، فإنه حمقة تورث الضغينة " قال الإمام النووي رحمه الله :
" المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه
، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب ، ويشغل عن ذكر الله تعالى :
ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء ، ويورث الأحقاد ،
ويسقط المهابة والوقار ، فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .
6- معرفة مقدار الناس : فإن البعض يمزح مع الكل بدون اعتبار ،
فللعالم حق ، وللكبير تقديره ، وللشيخ توقيره ، ولهذا يجب معرفة شخصية
المقابل فلا يمازح السفيه ولا الأحمق ولا من لا يُعرف . وفي هذا الموضوع قال عمر بن عبد العزيز :
( اتقوا المزاح ، فإنه يذهب المروءة ) .
وقال سعد بن أبي وقاص : " اقتصر في مزاحك ، فإن الإفراط فيه يُذهب البهاء ، ويجرّئ عليك السفهاء "
7- أن يكون المزاح بمقدار الملح للطعام : ق
ال صلى الله عليه وسلم : ( لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) صحيح الجامع 7312 و
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( من كثر ضحكه قلت هيبته ، ومن مزح استُخف به ،
ومن أكثر من شيء عُرف به ) . فإياك إياك المزاح فإنه يجرئ عليك الطفل والدنس
النذلا ويُذهب ماء الوجه بعد بهائه ويورثه من بعد عزته ذلاً
8- ألا يكون فيه غيبة وهذا مرض خبيث ،
ويزين لدى البعض أنه يحكي ويقال بطريقة المزاح ،
وإلا فإنه داخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ذكرك أخاك بما يكره ) رواه مسلم .
9- اختيار الأوقات المناسبة للمزاح : كأن تكون في رحلة برية ، أو في حفل سمر ، أو عند ملاقاة صديق ،
تتبسط معه بنكتة لطيفة ، أو طرفة عجيبة ، أو مزحة خفيفة ، لتدخل المودة على قلبه
والسرور على نفسه ، أو عندما تتأزم المشاكل الأسرية ويغضب أحد الزوجين ،
فإن الممازحة الخفيفة تزيل الوحشة وتعيد المياه إلى مجاريها . أيها المسلم :
قال رجل لسفيان بن عيينة رحمه الله : المزاح هجنة أي مستنكر ! فأجابه قائلاً :
" بل هو سنة ، ولكن لمن يُحسنه ويضعه في موضعه "
والأمة اليوم وإن كانت بحاجة إلى زيادة المحبة بين أفرادها
وطرد السأم من حياتها ، إلا أنها أغرقت في جانب الترويح والضحك
والمزاح فأصبح ديدنها وشغل مجالسها وسمرها ، فتضيع الأوقات ، وتفنى الأعمار ،
وتمتلئ الصحف بالهزل واللعب . قال صلى الله عليه وسلم :
( لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً )
قال في فتح الباري : ( المراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصيه ،
والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة )
وعلى المسلم والمسلمة أن ينزع إلى اختيار الرفقة الصالحة ا
لجادة في حياتها ممن يعينون على قطع ساعات الدنيا
والسير فيها إلى الله عز وجل بجد وثبات ، ممن يتأسون بالأخيار
والصالحين ، قال بلال بن سعد :
( أدركتهم يشتدون بين الأغراض ، ويضحك بعضهم إلى بعض ، فإذا كان الليل كانوا رهباناً )
وسُئل ابن عمر رضي الله عنهما :
" هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يضحكون "
قال : نعم ، والإيمان في قلوبهم مثل الجبال . فعليك بأمثال هؤلاء فرسان النهار
، رهبان الليل . جعلنا الله وإياكم ووالدينا من الآمنين يوم الفزع الأكبر
، ممن ينادون في ذلك اليوم العظيم :
( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون )
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الإسلام سؤال وجواب
… منقول …