تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » رؤية من الواقع -من الجزائر

رؤية من الواقع -من الجزائر

  • بواسطة

سألني مواطن قائلا : مار أيك في السيد بوتفليقة؟

فأجبته قائلا: ماهذا السؤال الذي أحس أنه يحمل أكثر من قراءة ومع ذلك فالسيد بوتفليقة يا أخي هو جزائري مثله مثل أي جزائري حاول الإصلاح بكل طاقته وفقا لما يتصور، ولكن أنا أرى أن تصوره ورؤيته لا يواكبان ولا يسايران هذا العصر الذي هو عصر التكنولوجيا والتكتلات والتطور السريع جدا ، وأرى أن كل ما قام به السيد الرئيس باستطاعة أي جزائري مخلص ووفي أن يقوم به ، هذا لتوفر السيولة النقدية الكبيرة التي لم تتوفر إلا في فترته والتي أرى أنها كانت لتجعل من الجزائر قطبا ورقما صعبا بين مصاف الدول المتقدمة التي لا تتميز علينا بشيء بل بالعكس تماما فالثروات المتنوعة والأرض الشاسعة والطاقات البشرية المختلفة كلها عوامل لصالحنا لم تتوفر حتى للصين وانظر كيف هي مع ضخامة عدد سكانها ، كل هذا وفق تنمية شاملة لاتترك مجال للصدفة وللتجربة الغير مدروسة والغير أكيدة النتائج أن تحل بيننا فنبقى أسيري التجارب الارتجالية التي سرعت اليوم الاحتجاجات والاضطرابات الاجتماعية ، فأصبحت قرارات الحكومة تتخذ وفق الضغط والحراك الاجتماعي وليس وفق لمتطلبات المجتمع التي تلتمس من خلال الواقع فنحاول من البداية معالجتها معالجة مدروسة وممنهجة.
فسألني مرة ثانية وبسخرية قائلا: هل ترى بديل لبوتفليقة؟

فقلت له: أيه الأخ المحترم انك بذلك تطعن في قدرة الجزائريين على التغيير والإصلاح والتطوير وفقا لمتطلبات عصرنا،وكأنك أيضا تمجد وتعظم وتعبد الأشخاص ولست تؤمن بالشعب مصدر القرار .
سألني مرة أخرى : مار أيك في الأحزاب المسيطرة على البرلمان ؟
أجبت : ليس هناك أحزاب في الجزائر تسيطر فكل تلك الأحزاب صورية فليس لها برامج ولا يسيطر صاحب الأغلبية على الحكومة فهي أداة تنفيذية لبرنامج الرئيس الذي يبقى محدود في نظري.

سألته أنا بدوري قائلا: لماذا لا تفتح السلطة المجال السياسي ليتم اعتماد أحزاب سياسية ؟

أجاب قائلا: حتى لا يستغل بعض الإسلاميين الموقف للعودة للنشاط الحزبي وهذا أمر خطير.

فقلت له : إنها حجج واهية لا تستند لعقل ولا لقانون ولا لحقيقة ، فقد فهم الجزائريون الدرس جيدا ، أحزابا،جيش،شعب . وليس هناك من يفكر في نفس السيناريو المفلس. ولا ننسى الحقيقة الواضحة والتي مفادها ’ مادام الشعب هو الذي سيختار مرشحيه فالأمر محسوم ولا مجال للتحجج ّوإلا فان الأمر هو الوقوف ضد إرادة الشعب وهذا غير مقبول تماما فالشعب واع ولا يحتاج وصاية أحد مهما كان.

سألني أيضا قائلا: أترى أن تجربة الثوار في تونس و مصر تصلح في الجزائر ؟
أجبته قائلا: أكيد بشرط أن يكون المحرك للاحتجاج السلمي هو الشعب وليس حزب أو جمعية ، لأن هذه الهيآت لها أغراض لايتفق حولها كل الشعب، أما الشعب إذا تحرك لايستطيع إيقافه أحد والعبرة لمن يعتبر فحتى وان تحركت الطائرات الحربية والصواريخ ـ وهذا مستبعد عندناـ لأن الشعب في اتحاده يشكل لحمة واحدة وقوة ضاربة لايعرف للحزبية والطائفية سبيل بقدر ما يؤمن بفكرة واحدة مفادها إرجاع الحق المهضوم من حرية وعدالة وحقوق اجتماعية ،

سياسية،اقتصادية……الخ.

فقال : كفانا ما حدث في التسعينيات .
فقلت له: لا تخلط الأمور لان ما حدث في الماضي القريب كان تجربة استفاد منها الجميع وكانت حزبية أما الآن فالأمر مختلف لأنه مطلب شعبي عام مطلب حق يدعمه كل العالم ولا يوجد لا عرف ولا قانون ولادين يشرع ويجيز ردع الشعب والوقوف ضد إرادته لأن القوة للشعب السيد الذي لا يهزمه أحد والتاريخ يثبت ما أقول فلا يجب تغليط ومراوغة صاحب الشأن .

بعد ذلك سكت قليلا وكأنه اقتنع بما أقول ثم قال: أنعتبر تحرك الحكومة الجزائرية الواسع النطاق وضخ الأموال والمشاريع لصالح بعض الناس والذي لم نشهد مثله منذ تولي الرئيس سدة الحكم قبل أكثر من أحدا عشر سنة مضت رشوة لإسكات الشعب والتمسك بالسلطة أم ماذا؟

لابد أن نقر بان الحراك الاجتماعي الأخير كان سببا في كل هذه القرارات ،وهذا ما يؤكد أن السلطة لم ولا تملك برامج تنموية مدروسة توافق متطلبات الشعب والدليل أنها تصدر قوانين وأمام أي احتجاج ترجع عنه لأنه يثبت فشله في الواقع ويتبين يوميا أن السلطة تفعل كل شيء من أجل البقاء في السلطة ونستنتج من ذلك أن الحكم عند السلطة هو الغاية والمصلحة الشخصية الضيقة هي أساس حراكه. ولذا نقول أن الحكم الذي لا يطبق السياسة الحكيمة التي تقبل الآخر ولا تستأثر بالسلطة بقدر تمسكها بمصلحة الشعب لدرجة استعدادها للتخلي على الحكم إذا كان ذلك يخدم الشعب
لا يستحق دعم تزكية الشعب .
فقال في الأخير: ألا تخاف الأمن بتصريحك هذا؟
قلت له بغضب: أيه الأخ اعلم أن الجزائري مهما كان ومهما علت مكانته أو انعدمت هو فرد يسير وفق قانون مسطر
يحتكم إليه الجميع دون استثناء ، وكل قول أو فعل يصدر عنه هو حق ما لم يخالف النهج المتبع . وينطبق هذا على الجندي والشرطي والدر كي قبل أن ينطبق على الأفراد العاديين،وان ولاء الجزائري مهما كان ولاءًا للوطن وللشعب وليس لزمرة من الأشخاص يمثلون الحكم الخارج عن ارادة الشعب الذي هو السيد وكل من يخرج عن طاعته هو خروج على القانون ويعتبر صاحبه عاق لابد أن يُقوّم ويُنحّى جانبا.
قراش براهيم علم الاجتماع التربوي مسعد الجزائر

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.