لا يخلو أي منّا أن يكون مودعا سرا عند آخر، أو يكون محل ثقة الآخرين فيودعونه أسرارهم. والفتيات في تعاملهن اليومي في البيت، المدرسة، الجامعة، يتبادلن بعضهن مع بعض الكثير من الأسرار، خصوصا بين الصديقات الحميمات، وقد تسر فتاة لصديقتها مالا تسره لأمها أو أختها في المنزل، وقد تصدم الكثيرات بصديقات قد أذعن أسرارهن.
هذه الخيبة تتكرّر مرارا بين الفتيات، وكم تقطعت علاقات وتبددت صداقات، وتشكّلت عداوات جراء ذلك، لذا كانت حاجة الفتيات كبيرة إلى الوعي والنّضج في كيفية التعامل مع الأسرار الخاصة بهن من جهة، وأسرار الغير من جهة أخرى.
عزيزاتي، الأسرار جزء من خصوصيات الأفراد وحياتهم الخاصّة، يحيطها أصحابها بالكتمان، وقد يختارون لها من يشاركهم فيها كأمانة مودعة لديهم. فقد تكون حدثا لا يعلمه إلا صاحبه، أو تعبيرا عن شعور أو مشكلة، أو حتى ذكر لجانب في حياة الفرد لا يطلع عليه الآخرون بسهولة، كخصوصيات تتعلق بالأسرة أو أحد أفرادها، وعادة ما يؤكد صاحب السر حين البوح به، أنّه سر أو شيء خاص جدا، لا يخبر به أحدا، أو أنّه أمانة إلى غير ذلك.
اعلمي أنّ أوسع صدر للسر صدر صاحبه، فهو أولى الناس بالصبر على كتم سره، "إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه، فصدر الذي يُُستودع السر أضيق".
وهذا هو الطريق المأمون الذي لا يورث الندامة ولا الحزن أو الإنكسار.
ومع ذلك فهناك من الأسرار ما لا يستغنى فيه عن مطالعة صديقة، أو استشارة ناصحة. لكن هل كل شخص يصلح لحمل أمانة أسرارنا؟
فإعطاء الثّقة لصديقة ما، أو حتّى قريبة من الأقرباء، لابد أن يكون بعد تجربة تكشف عن توفر أخلاق الأمانة فيها وأن تكون ذات عقل راجح، فإن العاقل يزن الأمور بميزان سليم، أما الساذج أو الأحمق يقدم على الخطأ بدون تفكير.
-أن تكون صاحبة دين يمنعها عن كل رذيلة أو صفة ذميمة، ويجعلها لا تتهاون في أي أمر نهى الدين عنه.
– أن تكون لك صديقة فتخاف عليك قدر خوفها على نفسها.
– أن تحب لك كل الخير ولا تحمل عليك أي حقد أو حسد أو غل.
– أن تكون كتومة بطبعها، فالتي تكثر الكلام ولا تستطيع له كتما لا تؤتمن على سر أبدا، وهذه هي أهم خصلة، هذه الأخلاق في مجملها تمنع من إذاعة السر وتوجب حفظ الأمانة.
– ألا نكون صفحة مفتوحة للآخرين، فنتحدث عن خصوصياتنا، فليس من واجب الصّداقة أو الأخوة أو حتّى القرابة أن نكشف كل شيء عن حياتنا الخاصّة
كما نحب أن يحفظ الناس لنا أسرارنا، يجب علينا أن نحفظ للآخرين أيضا أسرارهم، فإفشاء السر خيانة، وهو من الأخلاق الرّديئة التي تنفّر الناس من صاحبها، بل المطلوب أكثر من ذلك، وهو تناسي ما قيل لنا، بحيث لا يدور لنا في خلد أو يخطر لنا على بال، وحكي أن رجلا أسرّ إلى صديق له حديثا، ثم قال: أفهمت؟، قال: بل جهلت، قال: أحفظت؟ قال: بل نسيت".
وأخيرا هناك أسرار عنا أو عن الغير، لو احتفظنا بها قد تسبّب لنا المتاعب أو الضّرر الكبير، أو عواقب لا تحمد عقباها، هنا لابد من البوح بها لمن هو أهل للإستشارة ومن في يده مساعدتنا ممن هم أكبر منّا سنا وأكثر خبرة
منقول من جريدة النهار