تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » عالم تلمسان ومفتيها في زمانه: أبو العباس أحمد بن محمد بن زكري -شخصيات الجزائر

عالم تلمسان ومفتيها في زمانه: أبو العباس أحمد بن محمد بن زكري -شخصيات الجزائر

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

عالم تلمسان ومفتيها في زمانه: أبو العباس أحمد بن محمد بن زكري.

مدحه التنبكتي بقوله : " العالم الحافظ المتفنن الإمام الأصولي الفروعي المفسر الأبرع المؤلف الناظم الناثر" [ نيل الابتهاج ص 84]

نسبه و مولده:

المفسر الفقيه الناظم الناثر المشارك أحمد بن محمد بن زكري المانوي أبو العباس المغراوي التلمساني ، و المغراوي نسبة إلى قبيلة مغراوة البربرية ، وهي فرع من قبيلة صنهاجة المشهورة ، ولد بمدينة تلمسان حوالي سنة 830 هـ في عهد السلطان الزياني ابي العباس احمد المتوكل ، توفي والده و هو صغير فكفلته أمه ، و أشرفت على تربيته.

اتصاله بالعالم ابن زاغو :

بعد ان حفظ القرآن الكريم و تعلم بعض مبادئ اللغة العربية ، و الكتابة في جامع صغير يقع بقرب منزلهم و نظرا لفقره الشديد و حاجة والدته لمن بنفق عنها فقد غادر الكتاب و لم بيلغ الثالثة عشر من العمر ليواجه مطالب الحياة و يشتغل في معمل ( مشغل ) صغير للنسيج ( الطرز)، و كان يسكن بجوار هذا المشغل العالم الجليل أحمد بن زاغو ، فكان مترجمنا كلما التقاه في غدوه و رواحه حياه بتحية الإسلام بكل أدب و حياء ، مما لفت انتباه الشيخ ابن زاغو فاستوقفه مرة ليسأله عن سبب ذهابه إلى المشغل فيعلمه الطفل بانه يشتغل فيه طول النهار لكسب ما يسد رمقه و رمق والدته ، و لما شاهده الشيخ عليه من ملامح النبوغ و الفطنة ، فقد ذلب منه ان يستأذن له والدته ليحدثها في امر تعليمه على يديه ، ففرح الغلام و التقى الشيخ بوالدة مترجمنا و اقنعها بان يلحقه بمدرسته ليتعلم مقابل ان يعطيها نصف درهم كل يوم.
و قد ذكر ابن مريم في كتابه البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان ص 39 – المطبعة الثعالبية 1926 م ، هذه القصة لكنه قال :" ان ابن زاغو سمع ابن زكري يغني فاعجبه صوته و قال لما لا يكون هذا الصوت الجميل في قراءة و تجويد القرآن الكريم ومن ثم تكلم مع ابن زكري وذهب معه الى العجوز امه و قال لها ولدك هذا ما اجرته في الطراز فقالت له نصف دينار في الشهر ، فقال لها انا اعطيك نصف دينار مسبقا في كل شهر و تدعيه يقرأ عندي ، فقالت له اوتنصفني فيه ؟
فاخرج من جيبه نصف دينار و دفعه لها، وشرع يقرأ عنده حتى وفاته
.

شيخه محمد بن العباس:

بعد وفاة شيخه ابن زاغو انتقل للقراءة على يد محمد بن العباس : " فكان ينهض باكرا ليلتحق بمنطقة عباد خارج تلمسان و يرجع في المساء ، و هنا يروي ابن مريم كيف انه في بعض الايام سقط الثلج بكثافة فلم يستطيع العودة فنام في اسطبل الشيخ فوق التبن الذي يستعمل لعلف الفرس ، فلما جاءت الخادمة وجدته نائما فاخبرت الشيخ الذي كتب الى السلطان يطلب منه ان يمنح التلميذ بيتا في المدرسة السلطانية و قد وافق السلطان على هذا الطلب " فكتب له البيت برتبته و فرشه و سمنه زيته و فحمه و لحمه و جميع ما يمونه و كل هذا من بركة العلم و الحرص على طلبه ". [البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان ص 40 ].وبعد ان تمكن من علوم شيه طلب منه ان يحضر دروسه التي يلقيها بالمسجد الجامع لتلمسان بحضرة السلطان الزياني الذي اعجبت بتدخلات مترجمنا الشاب و اسئلته الهادفة و فوائده التي كان يدلي بها بعد نهاية الدرس حيث ان من عادة العالم محمد بن العباس ان ينهى درسه بمناقشة يشارك فيها الحضور ، و لما طلب السلطان التعرف على الشاب ابن زكري و إبن من هو ؟ فقدمه له ابن العباس قائلا : " هذا ابن ذراعة " أي انه ابن ذراعه و لم يعتمد على نسب او جاه.

الوظائف التي شغلها :

لما ظهر من تمرسه في العلم من تفسير و فقه و منطق عين مدرسا في الجامع الكبير لإلقاء الدروس " و كان مشتغلا بالعلم والتدريس يكرر المسألة الواحدة ثلاثة ايام حتى يفهمها الخاص و العام و انتفع به المسلمون كلهم و كل من يحضر مجلسه " [البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان ص 41 ]، وقد بلغت شهرته الافاق و سمع به القاصي و الداني مما دعا بالسلطان إلى تعيينه في منصب الفتوى و هو لا يزال في ريعان الشباب ، و قد تعرف على الشيخ السنوسي صاحب " العقيدة الصغرى " و تبادل معه المراسلات و كانت بينهما نقاشات و مجادلات فكرية و علمية نقلتها بعض كتب التراجم .

تلامذته :

اخذ عن ابن زكري الكثير من العلماء و المشايخ و من اشهرهم :
– الامام احمد زروق الخطيب
– الامام محمد ابن مرزوق حفيد الحفيد
– الشيخ ابو عبد الله محمد بن العباس
– الشيخ احمد بن الحاج المناوي.

وفاته :

توفي رحمه الله عن عمر يناهز الستين في أوائل صفر عام تسعمائة، و قد اخطأ الكثيرين ممن ترجموا له في تاريخ وفاته و الصحيح هو ما ذكرته بدليل ( الوثيقة الحجرية الشاهد المكتشف في المقبرة القديمة لمدينة تلمسان المسماة بمقبرة القاضي و فيها الكتابة التالية: [ هذا قبر الشيخ الفقيه الامام العلم المتفنن سيدي ابن العباس بن احمد بن محمد بن زكري المغراوي توفي رحمه الله اوايل ( كذا ) صفر عام تسعميا ( كذا) ، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ” الا ان أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون "] (1).

مؤلفاته :

تاليف في مسائل القضاء و الفتيا
المنظمة في علم الكلام ( في علم المنطق و تحتوي على 1500 بيت)
شرح أصول العقيدة للإمام ابي المعالي الجويني .
أرجوزة في حساب المنازل و البروج.
كتاب القواعد في أصول الفقه.
كتاب الحقائق و الرقائق.( في الوعظ و التصوف).
و له فتاوي كثيرة منقولة في موسوعة المعيار المعرب للونشريسي.

————————–
هامش :
(1 ) – BROSSELARD : les in******ions Arabes De Tlemcen : Revue Africaine 1861 ; P 161

المصادر و المراجع :

– ابن مريم " البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان" – المطبعة الثعالبية 1926 م.
– الحفناوي – تعريف الخلف برجال السلف – مؤسسة الرسالة ، الطبعة الثانية 1985.
– اعلام الجزائر ,عادل نويهض ، بيروت . ط 1980م.
– مجلة الثقافة : عدد 90 السنة 15 صفر / ربيع الاول 1406 هـ الموافق نوفمبر / ديسمبر 1985 م.

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.