تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » يا حمداش اهتم بالتوحيد و اترك التحزب فإنه ليس من دين الله في شيء.

يا حمداش اهتم بالتوحيد و اترك التحزب فإنه ليس من دين الله في شيء.

  • بواسطة

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فإن كثيرا من الدعاة المنتسبين للسلفية !!يكون تكتلهم الأول على الأساس الحزبي المقيت وليس على الأساس التربوي الإسلامي القائم على تصحيح العقيدة وتصحيح العبادة وتصحيح السلوك ، و عبد الفتاح زيراوي حمداش أحد هؤلاء الدعاة الذين أرادوا الخوض في المعترك السياسي كما يقال بزعم أن هذه هي الوسيلة الوحيدة لتغيير الحكم من الديمقراطي إلى الحكم الإسلامي ، و هذه الشبهة شبهة واهية يعتمدها كل حزبي و قد عرفناها و حفظناها و لكن الذي فاجأني من رئيس الحزب التلفي لوي أعناق الآيات التي تذمّ التحزب، فبيّن في ترصيح له للشروق بأنّها آيات عامّة المقصود بها الملل والأديان والأحزاب المخالفة لملّة التوحيد ودين الإسلام، وبعضها مثلا يتحدّث عن جيوش الأعداء كقوله تعالى: (يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا)[الأحزاب:20] ومرّة قد يقصد بها الملل والديانات المخالفة للإسلام كقوله تعالى: (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)[الروم:32] وغيرها من التفاسير والشروح، وهذا كله أمر معلوم فقدر ورد استعمال كلمة الأحزاب في القرآن على عدة معاني نذكر منها ما يلي:
أولا: بمعنى الأمم الكافرة التي سبقت أمة الإسلام:
وهي أمم كذبت الرسل عليهم الصلاة و السلام ، قال تعالى: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ * وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ لْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ)[صّ:12-13]
ثانيا: بمعنى القوم الذين اجتمعوا على إتباع منهج الحق :
و هم الصحابة والتابعين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، قال تعالى: (أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة:22].
ثالثا: بمعنى القوم الذين اجتمعوا على الباطل و الشرور:
وهم أتباع الشياطين ، قال تعالى: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)[المجادلة:19].
رابعا: بمعنى القوم الذين اجتمعوا على محاربة النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته:
قال تعالى: (وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ) [الأحزاب:22]
هذا ما جاء في معنى الأحزاب في القرآن و قد اعتمدها حمداش لتبرير حزبيته المقيتة و أن المقصود بالأحزاب هي المعاني التي ذكرناها و يمكن توضيحها أكثر بما قاله صاحب مختار الصحاح فـ: ( حِزْب الرَّجُل أصحابهُ، والحِزْب أيضاً الوِرْد ومنه أحْزَابُ القُرآنِ والحِزْب أيضاً الطائفة.
وتحزَّبوا تَجَمّعوا. والأَحْزاب الطوائِف التي تجتمع على محاربة الأنبياء عليهم الصلاة و السلام. )([1]) ، و للإجابة على هذا الإشكال الذي جاء به هذا الدعي أقول و بالله أستعين :

أن [كل من خالف المنهج السلفي فهو من أحزاب الضلال، والحزبية ليس لها شروط؛ الله سمى الأمم الماضية أحزابا وسمى قريشاً لما تجمعوا هم ومن معهم على الرسول أحزابًا, ما عندهم تنظيم وما عندهم شيء, فليس من شرط الحزب أن يكون منظمًا. فإذا تنظم هذا الحزب ازداد سوءًا. فالتعصب لفكر معين يخالف كتاب الله و سنة الرسول والموالاة والمعاداة عليه هذا تحزب, هذا التحزب ولو لم ينظم ، تبنى فكراً منحرفاً وجمع عليه أناسًا هذا حزب سواء نظمه أو لم ينظمه ما دام أن الفكر واحد يخالف الكتاب والسنة هذا حزب، الكفار اللذين كانوا يحاربون الرسول ما عندهم هذا التنظيم الموجود الآن ومع ذلك أطلق الله عليهم أحزابًا، كيف؟لأنهم تحزبوا للباطل وحاربوا الحق (وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ)[نوح:05] (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ)[نوح:05]قوله والأحزاب من بعدهم, سماهم أحزاب وبارك الله فيك عام الأحزاب تجمعت قريش وغطفان وقريظة وأصناف من القبائل ما هم منظمين هذا التنظيم تجمعوا سماهم الله أحزاب وسميت السورة سورة الأحزاب, إيش الأحزاب منظمين؟ فليس من شرط الحزب أن يكون منظماً، إذا أمن بفكرة باطلة وخاصم من أجلها وجادل من أجلها و والى من أجلها هذا حزب هذا حزب فإذا زاد ذلك تنظيماً بارك الله فيك وجند الأموال وإلى آخره طبعاً أمعن في الحزبية وصار من أحزاب الضلال والعياذ بالله .]([2]) ، [الحزبية ليس شرطا أن تكون منظمة (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ)ولما جاء الأحزاب يوم الأحزاب وغزوة الأحزاب ؛فِرَق جاؤوا من هنا ومن هنا وهم ليسوا بجماعة ؛قبائل ,سموهم أحزاب وليسوا منظمين .
الآن يشترطون في التحزب أن يكون هناك تنظيم ,هذا كذب ؛التحزب الباطل ,إذا تحزب بباطل أو على شخص على باطل فهو حزبي]([3]).

هذا و هل نسيت يا حمداش حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه حين قال: ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه و سلم موعظة وجِلت منها القلوب و ذرفت منها العيون ن فقلنا : يا رسول الله كأنها موعظة مودع ، فأوصنا . قال :

أوصيكم بتقوى الله ، و السمع و الطاعة ، و إن تأمر عليكم عبد ، و أنه من يعش منكم منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي ، و سنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، و إياكم و محدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة)([4]).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( ستفاد من قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي..) ، أنه إذا كثرت الأحزاب في الأمة؛ لا تنتمي إلى حزب.
هنا ظهرت طوائف من قديم الزمان: خوارج.. معتزلة.. جهمية.. شيعة بل رافضة..


ثم ظهرت أخيراً: إخوانيون.. وسلفيون.. وتبليغيون.. وما أشبه ذلك.


كل هذه الفرق اجعلها على اليسار، وعليك بالأمام،


وهو: ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:


(عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين).


ولا شك أن الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف، لا الانتماء إلى حزب معيّن يسمى(السلفيين).


الواجب أن تكون الأمة الأسلامية مذهبها مذهب السلف الصالح ، لا التحزب إلى من يسمى (السلفيون).


انتبهوا للفَرْق!!


هناك طريق سلف ، وهناك حزب يُسمى(السلفيون).. المطلوب إيش؟ اتباع السلف .


لماذا؟ لأن الإخوة السلفيين، هم أقرب الفرق للصواب، لا شك..


لكن مشكلتهم كغيرهم ، أن بعض هذه الفرق يُضلل بعضاً، ويُبدّعهم،


ويُفسّقهم.. ونحن لا ننكر هذا إذا كانوا مستحقين، لكننا ننكر معالجة هذه البدع بهذه الطريقة.. الواجب أن يجتمع رؤساء هذه الفرق، ويقولون بيننا كتاب الله- عز وجل – وسنة رسوله، فلنتحاكم إليهما لا إلى الأهواء، و الآراء، ولا إلى فلان أوفلان..


كلٌّ يخطيء ويصيب مهما بلغ من العلم والعبادة، ولكن العصمة في دين الإسلام.


فهذا الحديث أرشد النبي صلى الله عليه وسلم فيه إلى سلوك طريق يسلم فيه الإنسان، لا ينتمي إلى أي فرقة؛ إلا إلى طريق السلف الصالح، بل سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، و الخلفاء الراشدين المهديين).إنتهى كلامه رحمه الله.

أما قولك يا حمداش أننا لا نستطيع ترك العلمانيين يفسدون و نحن نتفرج ، كلام صحيح و يجب على كل من ينتسب للإسلام أن يرد عليهم و يبين عوارهم لكن يا حمداش ليس بطريقة التحزب ، فمنذ متى نستخدم الطرق الكفرية للوصول إلى الحق؟ هذا من جهة و من جهة أخرى محاربة هؤلاء تكون بتعليم الناس التوحيد لا بدخول السياسة و تهييج الناس ، نعم نعلم هناك فساد كبير سرقة نهب تبرج زنا خمور لكن ما السبب من كل هذا ؟ سل نفسك عن السبب ، انظر قلب بصرك في حال المسلمين ستجد الإجابة ، فكما تكونوا يولى عليكم ، احفظها جيدا ، لن يتغير الحكم إلا بتغيرنا نحن ، و كيف نتغير ؟ نتغير بالتمني ؟ لا نتغير بتعلم التوحيد ، بتعلم الدين الصحيح المصفى من الشركيات ، لا بمنازعة الحكام و سأضرب لك مثلا يقرب لك الفهم لعلك تستفيق من غيبوبتك:
من المعلوم أن يوسف عليه السلام كان تحت إمرة حاكم ظالم ،قال تعالى : (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ* قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ* وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ* يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ* مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ*)[يوسف:36–40]. عاش هذا النبي الكريم عليه السلام في القصور وعرف مفاسد الحكم والحكام عن كثب، وذاق من ويلاتهم كيداً وظلماً واضطهاداً وسجناً وعاش بين ظهراني أمة وثنية تعبد الأصنام والأبقار والكواكب فمن أين ينطلق للإصلاح ومن أين تكون نقطة البداية؟!

هل يبدأ في الدعوة إلى الله وهو مسجون ظلماً يشاركه في السجن مظلومون مثله من إثارتهم وتهييجهم على الحكام الظلمة المستبدين؟! وهذا منطلق سياسي لا شك فيه، والفرصة متاحة أمامـه أو يـبـدأ بالدعوة من حيث انطلق آباؤه الكرام وعلى رأسهم إبراهيم خليل الله وإمام الدعاة إلى توحيـد الله ومن حيث انطلق جميع رسل الله؟! لا شك أن طريق الإصلاح الوحيد في كل زمان ومكان هو طريق الدعوة إلى العقيدة والتوحيد وإخلاص العبادة لله وحده.
إذن فليبدأ يوسف من هذا المنطلق مقتدياً بآبائه الكرام ومعتزاً بعقيدتهم ومحقراً ومندداً بسخف المشركين واتخاذهم أرباباً من دون الله من الأصنام والأبقار والكواكب([5]).
و قد يقول قائل أن يوسف عليه السلام لم يدعوا قومه إلى التوحيد فنقول: قال تعالى : ( ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب)[غافر: 34 [.

و أقول : إن مما ينطلق منه حمداش و أتباعه أنه يجب تغيير الحكم لأن الحكام و من معه فسقة فنجيب بقوله تعالى : (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)[يوسف:23] ، و قال تعالى : (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ) [يوسف:32] ، و هذه آيات واضحة تدل على أن امرأة العزيز كانت فاجرة بل بلغ بها الأمر إلى إرادة فعل هذاالأمر القبيح أمام النسوة و العزيز يعلم أن امرأته هي التي راودت يوسف و مع هذا لم يفعل لها أي شيء ، فأي فسق و فجور هذا؟ و مع هذا فما كانت دعوة يوسف عليه السلام إلا للتوحيد و لم تكن دعوة انقلاب لتغيير الحكم فاحفظ هذا يا حمداش .

و لنضرب مثلا آخر بإمام الحنفاء إبراهيم عليه السلام قال الله تعالى : (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنّا به عالمين، إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون، قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين، قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين، قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين، قال بل ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهنّ وأنا على ذلكم من الشاهدين، وتالله لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين، فجعلهم جذاذاً إلاّ كبيراً لهم لعلهم إليه يرجعون، قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين، قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم، قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون، قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم، قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون، فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون، ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون، قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم، أفٍ لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون، قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين، قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم، وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين)[ الأنبياء: 51–70].

فهذا إبراهيم عليه السلام منذ صغره ينبذ و يحذر من الشرك و بعد تقدمه في السن رزقه الله تعالى بولدين هما إسحاق و إسماعيل فقال تعالى على لسانه عليه السلام : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ)[إبراهيم:35] .
قلت : لاحظت قال : ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) و لم يقل مكني و بني في الأرض أو مكني من السياسة أنا و أبنائي حتى نتمكن من تطبيق شريعتك كما تريد أنت يا حمداش و من معك.
و أختم هذه العجالة بكلام للعلامة الألباني رحمه الله عن السياسة لتكون لك هدية يا حمداش تستأنس بها لعل الله ينفعك بها .
قال العلامة الألباني رحمه :


ولا بدَّ أخيرا من تعريفِ المسلمين بأمر مهمٍّ جدّا في هذا الباب([6]) فأقول:


يجب ألا يدفعَنا الرضا بفقهِ الواقعِ بصورتِه الشرعيَّةِ، أو الانشغال به إلى ولوجِ أبواب السياسة المعاصرة، الظالمِ أهلُها، مغترِّين بكلمات الساسة، مردِّدِين لأساليبهم، غارقين بطرائقهم؛ وإنما الواجبُ هو السيرُ على السياسةِ الشرعيَّةِ؛ ألا وهي (رعاية شؤون الأمة)، ولا تكون هذه الرعايةُ إلا في ضوء الكتابِ والسنة، وعلى منهج السلف الصالح، وبيد أولي الأمر من العلماءِ العاملين، والأمراءِ العادلين، (فإنَّ الله يزعُ بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)([7]).


أما تلك السياسةُ الغربيةُ التي تفتح أبوابَها، وتَغُرُّ أصحابَها؛ فلا دينَ لها، وسائرُ من انساقَ خلفها، أو غرقَ ببحرها؛ أصابَه بأسُها، وضربَه جحيمُها؛ لأنَّه انشغل بالفرعِ قبلَ الأصل !، ورحم الله من قال: (من تعجَّل الشيءَ قبل أوانِه: عُوقِب بحرمانه)([8])

والله الموفق للسداد.

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أبو عبد الله بلال القسنطيني الجزائري.

[1]: مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي(ص:56)
[2]: من كلام الشيخ ربيع حفظه الله : شريط: بعنوان : [كشف الستار عما تحمله بعض الدّعوات من أخطار]
[3]: موقع الشيخ ربيع حفظه الله.
[4]:رواه أبو داود و الترمذي و ابن ماجة ، و ابن حبان في صحيحه و قال الترمذي : ( حديث حسن صحيح ). و أخرجه الألباني في صحيح الترغيب و الترهيب رقم 37 ( 1/123). قال الألباني رحمه الله : قوله : ( عضوا عليها بالنواجذ ) أي : اجتهدوا على السنة و الزموها ، و احرصوا عليها كما يلزم العاض على الشيء بنواجذه ، خوفا من ذهابه و تفلته .
و ( النواجذ) بالنون و الجيم و الدال المعجمة : هي الأنياب وقيل الأضراس.
[5]: منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله للشيخ ربيع .
[6]: يعني فقه الواقع.
[7]:انظر الدر المنثور (4/ 99).
[8]: فقه الواقع للألباني (ص:50-51).
البيضاء العلمية

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.