إلى أبنائنا الطلاّب انشغالات الادارة

المقامة الطّلاّبيّــــــــــــــة
بقلم: بشير بوكثير / رأس الوادي
-إهداء: إلى كل طالب في بلادي الحبيبة ،أهدي لكم هذه الشّذرات ، وأنتم مقبلون على امتحان شهادة البكالوريا.
ها قد حان وقت الجدّ فجدّوا ، وآن أوان الكدّ فكدّوا، وأينعتْ ثمارُ العلم والعرفان فاقطفوها يافعةً يانعة ، وتنشّقوا شذى أزهاره الرّائعة الماتعة.
لقد تبوأتم مقاعدَ ملوكٍ، وعروش ممالك ، لاتعتَوِرُها الانقلابات ولا تُرْديها المهالك، فحافظوا عليها بالدّرس والتّحصيل ، والبحث الجليل، والمُدارسة المستمرة ، والمذاكرة المُثمرة، والمطالعة المُتبحِّرة ،لأنّ المُذاكرةَ لقاحُ العقول والألباب ، ومفتاح البصائر و عينُ الصّواب.
واعلموا أبنائي التلاميذ :
أنّ من بكَر للصّيد قنَص ، واغتنمَ أجَلَّ الفُرص . فتعوّدوا التّشمير والتّبكير، تنالوا من العلوم وصفاء الذّهن الخيرَ الوفير.
إنّ العلم في الصّغر كالنقش على الحجر ، فثابروا في الصّبا على التحصيل،تُلقَّحْ أذهانكم في الكبر لقاحا يشفي العليل ، ويعصمكم من الزلل والفكر الدخيل.
أي أبنائي التلاميذ…
أيْ طلائع الخير المُغدق ،وبشائر الغد المشرق:
عوِّدوا ألسنتكم على الكلام الفصيح ، يستقمْ لكم البيان الصحيح ، وتواصلوا بلغة الضّاد، فهي العون لكم والعماد، من شرّ اللّكْنة والعيّ والفساد.
أيْ أبناء المدارس ، ياحملةَ الاقلام النّفائس ، و أصحاب الطّروس والكراريس ، وأتراب الدّفاتر والفوانيس :
أقبلوا على كتاب الله تعالى تتدارسونه ، وتستخرجون غامضه وعصيّه، بالرجوع إلى كتب التفسير ، واجهدوا الفكر بالتدبير ،واللسان بالتعبير، واليد بالتّدبيج والتحبير.
تزاحَموا على حلبة العلم، وتراحموا في مملكة الفهم، واعلموا أنّ الفائز من أحاط بكتب الأولين والآخرين.
اجعلوا ديوان المتنبي تاج الحكمة ، والعقد الفريد حلقات سمر أدبيّ ، لتُذهبوا به كثافة الدّرس وملل التّحصيل.
ادرسوا "الخصائص " وكونوا الغوّاصَ في بحر الضّاد والغائص،وافقهوا "معجم العين" أبعدَ الله تعالى عنكم كلّ مسٍّ وعين ، وسِيحوا في مملكة "البيان والتبيين"، تعُودوا بصيد ثمين، لابِخُفَّيْ حُنَين.
عليكم بـ "لسان العرب"، يقيكم شرّ اللّحْن والعطب ، والزموا مُنادمةَ "طبقات الشعراء" ترتقي الأذواق وترنو الأحداق إلى الفضاء، وكَحّلوا العيون بـ "عيون البصائر" لتزكُوَ النُّهى والبصائر.
أيْ أبنائي الطلبة:
أطيعوا معلّميكم وأساتذتكم ، ودهاقنتكم وجهابذتكم .كونوا لهم الأبناء البرَرة والنّخبة الخيَرة .فمن علّمني حرفا صرتُ له عبدا.
لاتتلفوا المال في اللهو والمُجون ، فذلك عين الخبَل والهبَل والجنون ،بل اقتنوا به كتابا مفيدا يُهذب الذّوق الرّفيع ، ويُحصّن الفكر المنيع، ويصقل الطبع الخشن الشّنيع، فيُصيّره مثل البلبل الوديع ، في فصل الرّبيع .
و اعتنوا بنظافة الهندام والأجسام فإنّهما من جوهر الإسلام فلا يدخل الجنّة إلا نظيف ، لطيف ، ظريف…
ولْتكنْ أخلاقكم في المدرسة هي أخلاقكم في الشارع والبيت ، تهذيبٌ وترتيب وتفكيرُ لبيب.
تحلّوا بهذه الأخلاق والآداب ، تنالوا أعلى المراتب والألقاب ، وتصيروا سادة بين الأتراب ، يُشار إليكم بالبنان ،ويذوي أمامكم كلّ رِعديد جبّان ، خامل عن الدّرس كسلا ن.
أيّها الطالب الجزائريّ:
أتمثّلك ذا قلب نقيّ، وعقلٍ ذكيّ، وخُلُقٍ حَيِيّ، وأصلٍ زكيّ
أتمثّلُك صانعا للحياة ، مثل الزّهر والنّبات، يسيرُ بعزم وثبات ، فتُورق بين قدميه رُبوع الفلاة، ولاغَرْو..فهو سليلُ الأماجد الأُباة.
أتمثلك الوردَ والأقاح، والشذى الفوّاح، وحاديَ الأرواح، إلى طريق النّجاح والفَلاح
أتمثلك مثل قطر النّدى وبلّ الصّدى، وسهْما ندّخِرُه في نُحور العدى
أتمثلك بانيَ أوطان، بالعلم والإيمان، لابالدّروشة والرّهبنة والبهتان
أتمثلك فارس الفرسان يوم الطّعان، وحارس الضّاد والبيان، حين تتلاقح الأفكار على عُود الجنان ، محافظا على إرث "ابن باديس" و"الإبراهيميّ" و"شيْبان".
أتمثّلُك "سيبويهيا" و"جِنّيا" في النّحو والإعراب، و"رُشْدِيّا" في المنطق وفصل الخطاب، و"بطوطيا" يجوب الآفاق بفكره الخلاّب.
أتمثّلك "فراهيديا" في العَروض" ، لاتُغريه القُروض، ولاتستهويه كثرة العُروض
أتمثلك " خلدونيا" في الاجتماع، و"حيّانيّا" في المؤانسة والإمتاع،و"بُحتريا" في الوصف اللطيف، و"جريريا" في اللفظ الخفيف ، لااللفظ السّخيف.
أتمثلك " جُرجانيا" في البلاغة والبيان، و"سحبانيا" في الفصاحة والتّبيان
أتمثلك" قعقاعيا" في نصرة الإسلام، و"جربوعيا" في مدح خير الأنام
أتمثلك "إبراهيميّا" في السّجع الجميل،و"باديسياّ" في الفكر الأصيل، لا"باريسيّا" في الفكر الدّخيل.
أتمثلك " أدهمياّ" في الصّوامع، و"قطّزيّا" في المعامع ، و"سيوطيا" في همع الهوامع"،و"أصمعيّا" في تتبّع الأخبار وتدبيج الرّوائع.
وفي الأخير اعملوا أبنائي بنصيحة الشاعر النّحرير:
العلم يغرس كل فضل فاجتهــد * ألاّ يفوتك فضل ذاك المغـــرس
واعلم بأنّ العلم ليس ينالـــــــه * من همّه في مطعم أو ملبـــــس
فلعلّ يوما إنْ حضرتَ بمجلس* كنتَ الرئيس وفخر ذاك المجلس
والله الموفّق والهادي إلى سواء السّبيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.