طرائف اللغويين
يتّسم أهل اللغة بالجد والمثابرة في التحصيل ، ولكنهم يعرفون البسمة والفكاهة ، وعندهم طرائف ومُلَح ومواقف لا تُنسى ، وأنقل لكم بعضًا من هذه القصص التي ترويها كتب الأدب العربي للإمتاع والتعلم في آن معًا ، فلربما نأخذ المعلومة اللُّغوية السريعة عن طريق هذه الحكايات ، فلندقق النظر بها لتكون الفائدة المرجوة منها أكبر.
روي أن رجلا قصد سيبويه لينافسه في النحو فخرجت له جارية سبيويه فسألها قائلا : أين سيدك يا جارية ؟
فأجابته بقولها : فاء إلى الفيء فإن فاء الفيء فاء .
فقال : والله إن كانت هذه الجارية فماذا يكون سيدها ، ورجع.
قال أحد النحاة : رأيت رجلا ضريرًا يسأل الناس يقول :
ضعيفًا مسكينًا فقيرًا ضريرًا …
فقلت له : يا هذا … علام نصبت (ضعيفًا مسكينًا فقيرًا ضريرًا)
فقال الرجل : بإضمار ارحموا ….
قال النحوي : فأخرجت كل ما معي من نقود وأعطيته أياه فرحًا بما قال.
قال أحد النحاة : كنت أشرح لطلبتي موضوع "المبني من الأسماء" ، ووضّحت لهم أنّ العلم المختوم بـ"ويهِ" يبنى على الكسر، مثل "سيبويهِ".
ثمّ طلبت منهم ذكر أمثلة غير الذي ذكرته :
فمنهم من ذكر "خالويه".
وآخر ذكر "نفطويه".
والأخير ذكر "بأبويهِ".
قال رجل لسعيد بن عبد الملك الكاتب : تأمر بشيئًا ؟
قال نعم بتقوى الله وإسقاط ألف شيء!!
كان أبو علقمة من المتقعرين في اللغة وكان يستخدم في حديثه غريب الألفاظ ، وفي أحد الأيام قال لخادمه : أصقعت العتاريف؟ ، فقال الخادم : زيقيلم ، فتعجب أبو علقمه وقال لخادمه : يا غلام
ما زيقيلم هذه؟، فقال الخادم : وأنت، ما صقعت العتاريف هذه ؟ ، فقال أبو علقمة معناها : أصاحت الديكة ؟ ، فقال له خادمه : وزيقيلم معناها : لم تصح!!
عن أبي القاسم الحسن قال: وقف نحوي على رجل فقال : كم لي من هذا الباذنجان بقيراط ؟؟ ، فقال: خمسين فقال النحوي : قل خمسون ، ثم قال: لي أكثر ، فقال: ستين قال: قل: ستون ، ثم قال: لي أكثر فقال: إنما تدور على مئون وليس لك مئون.
أصر أحد المهتمين بالعربية على أن يتحدث أولاده بالفصحى ، وذات يوم طلب من إحدى بناته أن تحضر له قنينة حبر.
أحضرت ابنته القنينة ، وخاطبته : هاك القََنينة يا أبي ( بفتح القاف ) ، فقال لها : اكسريها ( يقصد كسر حرف القاف ) ، فما كان من البنت إلا أن رمت القنينة على الحائط بقوة ، فتناثر الحبر ملوثا الجدار وما جاوره من فرش.
روى ابن الجوزي قال: عن الأصمعي عن عيسى بن عمر قال: كان عندنا رجلٌ لحّان ، فلقيَ رجلاً مثله ، فقال : من أين جئت؟ ، فقال:من عند أهلونا ، فتعجّب منه ، وحسده ، وقال : أنا أعلمُ من أين أخذتـَها ، أخذتـَها من قوله تعالى : ((شغلتنا أموالنا وأهلونا))!!
و سأل نحوي تلميذه – وكان التلميذ يومها مغمومًا – : كيف الحال؟ فأجاب التلميذ : إن كانت الحال التي علمتنا فمنصوبة ، أما حالي فمكسورة ، و في الغد سأله : يا تلميذ ألم تنتصب حالك بعد؟ فأجاب : هي اليوم مرفوعة. -أي ذهب عنه الغم- ، فقال النحوي: لم تعد بهذا حالاً .فأجاب التلميذ : بل هي حال جاءت جملة فعلية فعلها مضارع. فدهش النحوي و قال له : أنت اليوم أنحى مني و الله.
قال ابن الجوزي: لقي نحوي رجلا وأراد الرجل أن يسأله عن أخيه وخاف أن يلحن ، فقال أخاك أخوك أخيك ها هنا ؟ ، فقال النحوي : لا لو لي ما حضر.
وعن ابن أخي شعيب بن حرب قال : سمعت ابن أخي عمير الكاتب يقول وهو يعزي قومًا: آجركم الله وإن شئتم أجركم الله كلاهما سماعي عن الفراء.
وعن عبد الله بن صالح العجلي قال: أخبرني أبو زيد النحوي قال : قال رجل للحسن : ما تقول في رجل ترك أبيه وأخيه ، فقال الحسن : ترك أباه وأخاه ، فقال الرجل: فما لأباه وأخاه ، فقال الحسن : فما لأبيه وأخيه ، فقال الرجل للحسن : أراني كلما كلمتك خالفتني.